ومن قرح يقرح!
 

أشرف الكبسي

د. أشرف الكبسي / لا ميديا -

اليمن لا شك بلد الحريات الأول، بلا منازع أو تفسير، حتى أن تمثال الحرية -وهو يعيش حالة الإقامة الجبرية المذلة على شواطئ نيويورك- لو علم ما تعنيه حقاً حريتنا اليمنية، لجاء ركضاً على الأقدام، طالباً، بعد رمي الشعلة و"السماطة"، حق اللجوء مع سبق الإصرار والترصد!
في اليمن لا تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين، بل تبدأ، لسبب بسيط: عدم وجود حدود فاصلة (كالقانون ونواميس الذوق العام) بين شيء وآخر، بين حرية وأخرى، وكل واحد و"عفاطته"، وجنان يخارجك ولا عقل يحنبك!
يمكنك هنا، بلا اشتراطات أو عوائق، ممارسة المهنة التي تشاء، متى وكيف وأين تشاء... فمثلاً: عندما تفشل كرئيس تتحول ببساطة إلى زعيم، وعندما تخفق كوزير تتحول إلى انفصالي أو رمز وطني، وإذا ما أفلس مكتبك الهندسي عليك فقط ارتداء شيء أبيض، واستبدال اللوحة الإعلانية الخارجية، بأخرى مكتوب عليها: عيادة الطب الشعبي (استئصال الباسور والناسور وعرق النساء، وطرد الجن من رؤوس الرجال والعكس...)، هذا إن لم تصبح فجأة تربوياً يحمل دكتوراه فخرية في إدارة السجون، ويمتلك مدرسة خاصة جداً للموهوبين!
مساكين أولئك الذين يعيشون قيود الحرية الأوروبية، حيث تهرع الشرطة فوراً إلى منزل أحدهم، إن هو استحم ليلاً، أو رفع صوت التلفاز، أو استخدم المكنسة الكهربائية، بعد العاشرة مساءً!
أي حرية تلك التي تمنعك من نصب خيمة عرس "البزي" وسط الشانزليزيه، وزفة "الحريوة" بمعدل وآلي و(آر. بي. جي)، واستقبال (مسيو) الحاج بقبلتين وقنبلتين، إحداهما نووية؟!
لا يمكنك في اليابان أن تمارس حرية "داعشيتك" في العلن، ممتطياً دراجة نارية موقوتة صحبة كلاشينكوف ملثم، وقطعاً لن توقف سيارتك في منتصف شارع طوكيو، وتذهب بلا اكتراث لشراء القات والسوشي، وتعود بعد ساعة (مبهرراً) كالسموراي الأخير!
هنا وهنا فقط، يمكن ما لا يمكن... حرية ومن قرح يقرح!

أترك تعليقاً

التعليقات