‏قنينة نفط!
 

أشرف الكبسي

د. أشرف الكبسي / لا ميديا -
كنت عائدا إلى منزلي بعد يوم عمل شاق وطويل، عندما تعطلت سيارتي بشارع القيادة. نفد الوقود، وهذا بات مألوفا كالحرب والحصار!
استوقفت دراجة نارية، وطلبت من سائقها الأشعث، بعد أن ناولته قنينة بلاستيكية فارغة وألف ريال، أن يملأها من أقرب محطة نفط.
مضت نصف ساعة، ولم يعد السائق!
‏أشرت لدراجة ثانية بالتوقف، وكررت الطلب، مانحا سائقها الشاب الكادح، ألف ريال ثانية!
ـ لماذا لا تصعد خلفي، ونذهب معا لإحضار المطلوب؟! 
اقترح الشاب، في إشارة ضمنية إلى أن سوء الظن من الفطن!
ـ لا.. سأنتظرك هنا.
مضت نصف ساعة أخرى ببطء، وكأن عقاربها تحتضر. وللأسف، لم يعد السائق!
‏استوقفت دراجة نارية ثالثة، وأعدت تكرار المحاولة، قائلاً لسائقها، الذي بدا في الثلاثينيات وله وجه مفرط في النحول: أرجو عودتك يا بني، فصاحباك لم يعودا!
في الأحياء الفقيرة، تفقد الفضيلة مبرراتها، وأحيانا صوابها!
مضى بعض الوقت، وعاد الثلاثة!
‏نعم، عاد الثلاثة تباعا، وعاد معهم ما هو أكثر بكثير من ورقة نقدية وقنينة نفط!
أدرت محرك سيارتي، وغادرت شارع القيادة، تملؤني ثقة بحجم الكون، أن ‎اليمن بخير، وأن أبناءها، ومهما قست عليهم حياتهم، لن يذهب بهم المال والنفط بلا عودة، كما ذهب بالكثيرين غيرهم!

أترك تعليقاً

التعليقات