طمس التاريخ روائياً
- محمد ناجي أحمد الثلاثاء , 25 أبـريـل , 2017 الساعة 4:55:46 PM
- 1 تعليقات
علاقة الغربي عمران بالسرد الروائي والتاريخ كعلاقته باللغة والنحو، فكما أن مفرداته وتراكيبه لاتكاد تبين بسبب ضعف وركاكة الصياغة، وخلطه بين العامية والفصحى في المفردات والتركيب والحروف، كإدخاله حروف الجر على بعضها، كذلك في حكيه جفاف في المتخيل، واستسهال في العبث بذاكرة وطن.
هو لايخلق نصاً موازياً للسرديات التاريخية، لكنه بكل سطحية يعبث بالتاريخ، وهو لايقرأ ما بين السطور كما زعم في حوار له بصحيفة (الشرق الأوسط)، لكنه يطمس كل ما هو بين ومكوِّن للشخصية الوطنية أو للتراث، كما في أعماله (مصحف أحمر، الثائر، ظلمة يائيل، مسامرة الموتى).
المواقف والإحالات والإيحاءات والإشارات المثلية تتكرر في أعماله، مما يعطي مجالاً لقراءتها وفق منهج نفسي كعقدة تعكس نفسها وظيفياً في كل رواياته!
في رواية (الثائر) يقدم (الغربي) مرحلة (السلال 62-67م) روائياً بالدولة البوليسية، في موازاة ذلك ينتصر في خطاب الرواية لمؤتمري عمران 64م وخمر 65م، في مسايرة وانسياق مع مقررات قوى خمر.
يتناغم في أعماله وفقاً لما تبتغيه السعودية ومشيخات الخليج التي تنظر للتاريخ والتراث اليمني بعدائية وسعي لتدمير ما تبقى من آثار ومعالم تاريخية تذكرنا بهدم المسجد الجامع في (ثعبات مدينة الملوك) الرسولية، ثمانينيات القرن العشرين، واستبداله بجامع وهابي، مما جعل من ثعبات قلعة اليساريين في السبعينيات والثمانينيات إلى ثكنة لتخريج التطرف باسم الدين .لقدتركت معالم وآثار الدولة الصليحية تتداعى عمداً، لتأتي جماعاتها الجهادية لتزيل قبة عبد الهادي السودي، ومنتزه المؤيد، أحد ملوك بني رسول، والذي يشاع خطأً بين الناس أنه قبة (الشبزي).
يحضرني هنا ما قاله (جلال أمين) في كتابه (شخصيات لها تاريخ): (إن احترام الأمة لتراثها هو احترام لنفسها، والعبث بالتراث هو تحقير للذات واستخفاف بها)، وهو ما ينطبق على أعمال الغربي عمران الروائية.
فالعبث بالتاريخ هو عدم احترام لهذه الأمة، وهو استخفاف بها وتشويه متعمد لضميرها الوطني، بحجة أن القص عمل متخيل وليس تأريخاً، والحقيقة أن التاريخ ذاته لايخلو من الأساطير ولا من القص الموازي والمزاحم والنقيض.
ما يزعمه (الغربي) أنه خيال هو سرديات مزاحمة للتاريخ، تحاول أن تنال منه باسم الرواية والتخييل.
لاينسى (الغربي) أن يصور لنا (المحقق) في سجون مرحلة السلال (حامل السوط) بأنه مدمن على الخمر، وأنه يعاقرها في المكتب الذي يمارس فيه التحقيق والتعذيب، وهي مزاعم نجدها في مذكرات النوفمبريين، وتحديداً في مذكرات (اللواء حسين المسوري) حين يتناول قوات الصاعقة والمظلات!
تنطلق الرواية في خطابها من موقع وموقف الكيان السعودي والقوى التابعة له في (مؤتمر خمر) في إدانة الثورة السبتمبرية خلال 62-67م، والترويج أن رجالاتها خارجون عن الدين، ومتوحشون في تعذيب المختلف معهم، والمؤلف حين يقدم هذه الحقبة لايتناول أخطاءها في الأيام الأولى، وطريقة الإعدامات لرموز المملكة المتوكلية، ورميهم في حفرة بحسب ما ذكره (عبد الله الراعي) أحد الضباط الأحرار، لكنه يدين هذه المرحلة من موقع الرجعية اليمنية والعربية، فيقدمها على أنها فتحت السجون للاعتقالات والتعذيب والإعدامات الجماعية بتهمة الارتباط برموز مؤتمر خمر. هو يحاكم مرحلة السلال من موقع جمهورية 5 نوفمبر 1967م، أي الجمهورية التي صُنِعَت سعودياً، وإن اتخذت من القاضي عبد الرحمن الإرياني لافتة مرحلية سرعان ما ضاق بهم وضاقوا به، فنفوه إلى سوريا.
يختلق (الغربي) تاريخاً قمعياً تعرض له رموز مؤتمر خمر، الذين ظلوا تحت مسمى (محاربة التدخل المصري في اليمن)، يناوئون أهداف الثورة اليمنية، ابتداءً من اتخاذ النظام الجمهوري وبناء جيش وطني، مروراً بإزالة الفوارق الطبقية، ووصولاً إلى تحقيق الوحدة اليمنية على طريق الوحدة العربية الشاملة.
يسطو الغربي على شخصيات وحكايات رواية (الرهينة) لزيد مطيع دماج، متبعاً لخطابها وشخصياتها وحكاياتها في تقديم المدرسة في العهد المتوكلي بصورة الانحلال الأخلاقي، فالمدرسة العلمية ليست سوى شبكات للانحراف من التلاميذ والمعلمين، وصولاً الى سيوف الإسلام، ونساء القصر! هو يستعيد من خلال شخصية (شيزان) ما كانت (الرهينة) قد قالته عن طريق (الدويدار الحالي) ويحل (الشاويش) محل (الطبشي)!
لقد قرأت كل ما أنجزه الغربي عمران روائياً وبعض مجموعاته القصصية، لكنني مع رواية (الثائر) أجد في قراءتها جلداً للذات لغة وسرداً ووصفاً.
في شخصياتها تجده يختار اسم (شيزان)، وهو تعمد في غرائبية الاسم ومحمولاتها الجنسية، وهو ما يجعلنا نقف مع روايته (ظلمة يائيل). فالقارئ للرواية سيجدها من حيث البناء للشخصيات وتعدد الأديان والمذاهب، تكاد أن تتماهى مع رواية (مصحف أحمر)، فهناك تتداخل الأديان برمزية المصحف الأحمر مع الأيديولوجيا، وهنا تتداخل الأديان مع المذاهب مع التاريخ.
وفي الروايتين سيجد القارئ الطموح السردي متجاوزاً للغة تشكل عائقاً سردياً في العملين، وسيجد حضور الجنس بإيماءاته المثلية، وكأنّ الروايتين جزءان لعمل روائي.
وبالرغم من أن الطبعة التي قرأتها هي الطبعة الخامسة الصادرة عن مركز عبادي، أي أنها مصححة، إلاّ أن الكثير من الأخطاء الإملائية والنحوية لم يتم تجاوزها.
الاستقصاءات الجغرافية لم تكن مستثمرة فنياً، وإنما جاءت امتداداً كمياً، كأنك أمام جغرافي يستعرض الأمكنة وتواليها من اليمن إلى مكة إلى الشام. وأما من حيث الإسقاط الزمني فهو ممكن في العمل السردي، ولأن الرواية ليست صورة فوتوغرافية للزمن بفواصله وحدوده، أي أن التداخل في الأزمنة عمل فني، وليس عيباً سردياً...
هناك مشكلة واضحة في استخدام التاريخ بتحيزات المؤلف الضمني، وهي ملفتة في الرواية.
فالقصة القصيرة بحكم لغتها المكثفة وشعريتها ومفارقاتها، تبدو أكثر تحدياً من الرواية التي تتمدد باللغة والتحليل، لهذا يبدو الغربي في أعماله القصصية أشد تواضعاً من أعماله الروائية.
وظيفة الأصابع والإيماءات في الإيحاء بالعلاقات المثلية، متماثلة بنائياً في كل أعماله الروائية.
هو لايخلق نصاً موازياً للسرديات التاريخية، لكنه بكل سطحية يعبث بالتاريخ، وهو لايقرأ ما بين السطور كما زعم في حوار له بصحيفة (الشرق الأوسط)، لكنه يطمس كل ما هو بين ومكوِّن للشخصية الوطنية أو للتراث، كما في أعماله (مصحف أحمر، الثائر، ظلمة يائيل، مسامرة الموتى).
المواقف والإحالات والإيحاءات والإشارات المثلية تتكرر في أعماله، مما يعطي مجالاً لقراءتها وفق منهج نفسي كعقدة تعكس نفسها وظيفياً في كل رواياته!
في رواية (الثائر) يقدم (الغربي) مرحلة (السلال 62-67م) روائياً بالدولة البوليسية، في موازاة ذلك ينتصر في خطاب الرواية لمؤتمري عمران 64م وخمر 65م، في مسايرة وانسياق مع مقررات قوى خمر.
يتناغم في أعماله وفقاً لما تبتغيه السعودية ومشيخات الخليج التي تنظر للتاريخ والتراث اليمني بعدائية وسعي لتدمير ما تبقى من آثار ومعالم تاريخية تذكرنا بهدم المسجد الجامع في (ثعبات مدينة الملوك) الرسولية، ثمانينيات القرن العشرين، واستبداله بجامع وهابي، مما جعل من ثعبات قلعة اليساريين في السبعينيات والثمانينيات إلى ثكنة لتخريج التطرف باسم الدين .لقدتركت معالم وآثار الدولة الصليحية تتداعى عمداً، لتأتي جماعاتها الجهادية لتزيل قبة عبد الهادي السودي، ومنتزه المؤيد، أحد ملوك بني رسول، والذي يشاع خطأً بين الناس أنه قبة (الشبزي).
يحضرني هنا ما قاله (جلال أمين) في كتابه (شخصيات لها تاريخ): (إن احترام الأمة لتراثها هو احترام لنفسها، والعبث بالتراث هو تحقير للذات واستخفاف بها)، وهو ما ينطبق على أعمال الغربي عمران الروائية.
فالعبث بالتاريخ هو عدم احترام لهذه الأمة، وهو استخفاف بها وتشويه متعمد لضميرها الوطني، بحجة أن القص عمل متخيل وليس تأريخاً، والحقيقة أن التاريخ ذاته لايخلو من الأساطير ولا من القص الموازي والمزاحم والنقيض.
ما يزعمه (الغربي) أنه خيال هو سرديات مزاحمة للتاريخ، تحاول أن تنال منه باسم الرواية والتخييل.
لاينسى (الغربي) أن يصور لنا (المحقق) في سجون مرحلة السلال (حامل السوط) بأنه مدمن على الخمر، وأنه يعاقرها في المكتب الذي يمارس فيه التحقيق والتعذيب، وهي مزاعم نجدها في مذكرات النوفمبريين، وتحديداً في مذكرات (اللواء حسين المسوري) حين يتناول قوات الصاعقة والمظلات!
تنطلق الرواية في خطابها من موقع وموقف الكيان السعودي والقوى التابعة له في (مؤتمر خمر) في إدانة الثورة السبتمبرية خلال 62-67م، والترويج أن رجالاتها خارجون عن الدين، ومتوحشون في تعذيب المختلف معهم، والمؤلف حين يقدم هذه الحقبة لايتناول أخطاءها في الأيام الأولى، وطريقة الإعدامات لرموز المملكة المتوكلية، ورميهم في حفرة بحسب ما ذكره (عبد الله الراعي) أحد الضباط الأحرار، لكنه يدين هذه المرحلة من موقع الرجعية اليمنية والعربية، فيقدمها على أنها فتحت السجون للاعتقالات والتعذيب والإعدامات الجماعية بتهمة الارتباط برموز مؤتمر خمر. هو يحاكم مرحلة السلال من موقع جمهورية 5 نوفمبر 1967م، أي الجمهورية التي صُنِعَت سعودياً، وإن اتخذت من القاضي عبد الرحمن الإرياني لافتة مرحلية سرعان ما ضاق بهم وضاقوا به، فنفوه إلى سوريا.
يختلق (الغربي) تاريخاً قمعياً تعرض له رموز مؤتمر خمر، الذين ظلوا تحت مسمى (محاربة التدخل المصري في اليمن)، يناوئون أهداف الثورة اليمنية، ابتداءً من اتخاذ النظام الجمهوري وبناء جيش وطني، مروراً بإزالة الفوارق الطبقية، ووصولاً إلى تحقيق الوحدة اليمنية على طريق الوحدة العربية الشاملة.
يسطو الغربي على شخصيات وحكايات رواية (الرهينة) لزيد مطيع دماج، متبعاً لخطابها وشخصياتها وحكاياتها في تقديم المدرسة في العهد المتوكلي بصورة الانحلال الأخلاقي، فالمدرسة العلمية ليست سوى شبكات للانحراف من التلاميذ والمعلمين، وصولاً الى سيوف الإسلام، ونساء القصر! هو يستعيد من خلال شخصية (شيزان) ما كانت (الرهينة) قد قالته عن طريق (الدويدار الحالي) ويحل (الشاويش) محل (الطبشي)!
لقد قرأت كل ما أنجزه الغربي عمران روائياً وبعض مجموعاته القصصية، لكنني مع رواية (الثائر) أجد في قراءتها جلداً للذات لغة وسرداً ووصفاً.
في شخصياتها تجده يختار اسم (شيزان)، وهو تعمد في غرائبية الاسم ومحمولاتها الجنسية، وهو ما يجعلنا نقف مع روايته (ظلمة يائيل). فالقارئ للرواية سيجدها من حيث البناء للشخصيات وتعدد الأديان والمذاهب، تكاد أن تتماهى مع رواية (مصحف أحمر)، فهناك تتداخل الأديان برمزية المصحف الأحمر مع الأيديولوجيا، وهنا تتداخل الأديان مع المذاهب مع التاريخ.
وفي الروايتين سيجد القارئ الطموح السردي متجاوزاً للغة تشكل عائقاً سردياً في العملين، وسيجد حضور الجنس بإيماءاته المثلية، وكأنّ الروايتين جزءان لعمل روائي.
وبالرغم من أن الطبعة التي قرأتها هي الطبعة الخامسة الصادرة عن مركز عبادي، أي أنها مصححة، إلاّ أن الكثير من الأخطاء الإملائية والنحوية لم يتم تجاوزها.
الاستقصاءات الجغرافية لم تكن مستثمرة فنياً، وإنما جاءت امتداداً كمياً، كأنك أمام جغرافي يستعرض الأمكنة وتواليها من اليمن إلى مكة إلى الشام. وأما من حيث الإسقاط الزمني فهو ممكن في العمل السردي، ولأن الرواية ليست صورة فوتوغرافية للزمن بفواصله وحدوده، أي أن التداخل في الأزمنة عمل فني، وليس عيباً سردياً...
هناك مشكلة واضحة في استخدام التاريخ بتحيزات المؤلف الضمني، وهي ملفتة في الرواية.
فالقصة القصيرة بحكم لغتها المكثفة وشعريتها ومفارقاتها، تبدو أكثر تحدياً من الرواية التي تتمدد باللغة والتحليل، لهذا يبدو الغربي في أعماله القصصية أشد تواضعاً من أعماله الروائية.
وظيفة الأصابع والإيماءات في الإيحاء بالعلاقات المثلية، متماثلة بنائياً في كل أعماله الروائية.
المصدر محمد ناجي أحمد
زيارة جميع مقالات: محمد ناجي أحمد