حكام اليمن المثقفون 1-2
 

محمد ناجي أحمد

محمد ناجي أحمد

أشار أديب اليمن عبد الله البردوني إلى حكام اليمن المثقفين في القرن العشرين، متوقفا عند الإمام يحيى بن محمد حميد الدين، والذي يعد آخر الأئمة المجتهدين، ولديه اجتهادات بخصوص الأحوال الشخصية، يجملها البعض بست عشرة مسألة تم الأخذ بها في قوانين الأحوال الشخصية في اليمن الجمهوري. وتناول الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني والرئيس إبراهيم الحمدي من بين رؤساء الجمهورية العربية اليمنية، اللذين تميزا بالمعرفة، فالقاضي الإرياني حقق العديد من كتب التراث، والحمدي إضافة إلى تلقيه العلم الشرعي عن أبيه حاكم ذمار، حتى قامت ثورة 26 سبتمبر وهو حاكم ذمار بدلاً عن أبيه الذي كبر في السن. إضافة لذلك كان للحمدي تجربة حزبية بانخراطه في حركة القوميين العرب، والحزب الديمقراطي الثوري اليمني، والطلائع الوحدوية. ويأتي الرئيس قحطان الشعبي كقائد للجبهة القومية، وقيادي في حركة القوميين العرب فرع اليمن، من بين الرؤساء المثقفين، وله كتاب عن "اتحاد إمارات الجنوب العربي" عبر فيه عن موقف حركة القوميين العرب
 ضد هذا الاتحاد، الذي تخلق في أحضان الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن، وإن كان يقال إن القيادة المركزية لحركة القوميين العرب هي التي ألفت الكتاب، وتم نشره وتوزيعه باسم قحطان الشعبي. والرئيس عبد الفتاح اسماعيل كان شاعراً ومثقفاً يسارياً.
في كتابه "حكام اليمن – المؤلفون المجتهدون"، الصادر عن دار القرآن الكريم، بيروت 1979م، يتوقف الباحث والمحقق عبد الله محمد الحبشي مع 43 إماماً وسلطاناً وملكاً حكموا اليمن، وجمعوا بين التأليف الفكري والعلمي وإدارة دفة الحكم في اليمن من حروب وإدارة وإبداع واجتهاد.
يقف الحبشي مستعرضاً مؤلفات هؤلاء الحكام التي اشتملت على مختلف مجالات المعرفة.
هي سمة للعديد من حكام اليمن أن جمعوا بين القيادة والفكر، وهي سمة لا تجتمع إلاَّ في البلدان التي عُرفت بالحضارة والعمران كاليونان وفارس ومصر والشام والعراق.
يرى زيد بن علي الوزير في مقدمته لهذا الكتاب أن المؤلف عبد الله محمد الحبشي قد "عرض ثقافة الحكام اليمنيين: ملوكا وأئمة وسلاطين، أي أنه عرض ثقافة العقلية القيادية". فمن وجهة نظر زيد الوزير، والتي أراها دقيقة، أن هذا الإنتاج الفكري لحكام اليمن يعكس وجود شعبية تتلقى هذا الإنتاج، أو بحسب تعبيره "نجد أنه من خلال أسماء المؤلفين القادة ومن خلال أسماء مؤلفاتهم الكثيرة تطالعنا آفاق علمية واسعة، وتقودنا إلى التسليم بضرورة وجود ثقافة شعبية واسعة تستدعي الإقرار بوجود مناخ فكري عام، يستوعب ما ينشر ويكتب" (الحبشي، المرجع السابق، ص13).
لقد بلغت مؤلفات الإمام يحيى بن حمزة 81 مؤلفاً، والإمام المهدي 59 مؤلفا، وغيرهما من الملوك والأئمة والسلاطين أنتج بعضهم العشرات من المؤلفات الفكرية في الفقه وعلم الكلام والطب وعلم العقاقير وعلم التنجيم والأنساب والتاريخ، والخيل، والزراعة والاسطرلاب... إلخ.
هو تاريخ مزدحم بالحروب والتأليف الفكري. فمؤلفات الإمام يحيى بن الحسين المتوفى سنة 298هـ/ 910م تزيد عن 77 مؤلفاً ومسألة وجواباً.

احتفظ لنا التاريخ بمؤلفات أئمة اليمن وملوك وسلاطين بني رسول، بل بأسماء مؤلفات "أبو الطامي جياش بن نجاح" الذي أسس في زبيد ملك بني نجاح (483هـ-498هـ) ومن مؤلفاته: ديوان شعر ذكره بامخرمة في كتابه "ثغر عدن" (ج 2، ص46)، ورسالة كتبها إلى معلم ولده، وكتاب "المفيد في تاريخ زبيد" وهو مفقود، لم يصل منه سوى بعض المنقولات التي أوردها عمارة في كتابه الذي أخذ نفس الاسم. ويعلل بامخرمة فقدان الكتاب بأنه "كشف فيه أنساب عدة من الناس كانوا يُعْزَون إلى العرب فحكى عنهم غير ذلك فبالغوا في إعدامه" (الحبشي، المرجع السابق، ص72-74).

أترك تعليقاً

التعليقات