ضرجحة بجوهر أجوف
 

محمد ناجي أحمد

أن تتضامن أحزاب الإسلام السياسي في اليمن مع راعيها الكيان السعودي طيلة عقود كثيرة، فهذا طبيعي، وغير صادم للتوقعات، لكن أن يتضامن الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري مع هذا الكيان تضامن شراكة، فهو من المفارقات التاريخية الساخرة والهزلية!
يتضامن الوحدوي الناصري والاشتراكي اليمني مع مملكة آل سعود تضامناً كاملاً «تجاه ما تعرضت له من مواقف سافرة من قبل إيران»، ويصفان الشهيد نمر النمر بالإرهابي، ويقفان إلى جانب الإجراءات التي اتخذتها مملكة آل سعود بقيادتها الحكيمة «وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود»، وهما يدعوان إلى اصطفاف الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي ضد إيران، وما وصفاه بتدخلاتها الإرهابية والتدميرية، وزعزعة أمن واستقرار الدول العربية، ونشر الفتنة الطائفية والمذهبية وإقحام شعوبها في أتون صراعات تدمر حاضرها ومستقبلها!
يبدو لي أن الوحدوي الناصري والاشتراكي اليمني قد استفادا من تراثهما في إدانة الكيان الصهيوني طيلة أكثر من نصف قرن، فقاما بعملية إزاحة وتزوير لحقيقة الدور الوظيفي السعودي في زعزعة استقرار المنطقة العربية، والتآمر ضد الأهداف التحررية والوحدوية والتنمية المستقلة بعدالتها الاجتماعية، وتحريف الصراع الاجتماعي الاقتصادي نحو صراع من تأجيج صانعها الغربي، لتصبح المنطقة العربية تكوينات مذهبية وطائفية وعرقية وجهوية إلخ.
من استمع لكلمة عبد الملك المخلافي التي ألقاها في مؤتمر وزراء الخارجية العرب، يجدها مطابقة في المحتوى لما جاء في البيان التضامني! 
نحن في زمن الس قوط المهين، وسرقة تاريخنا الوطني، لم يعد سقوطا لأفراد بل صار إفراغا للحقيقة وحشوها بارتزاق مهين!
(المضرجحون) يسوِّقون سقوطهم رفعة ما دام له دويّ عالٍ ومنظِّرون يحثون التراب على العقول!
لطالما استلموا رتبا ورواتب من الفرقة الأولى مدرع «صانعة الرجال وحامية الجمهورية» بحسب ادعاءاتهم البائسة... وها هم اليوم يقبضون مناصب زيف هادوية!
في كلمته التي ألقاها عبد الملك المخلافي وزير خارجية هادي، في افتتاح أعمال الدورة غير الاعتيادية لجامعة الدول العربية، اتهم إيران بتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية في اليمن، ودعم فئة ضد الشعب اليمني! وتمزيق النسيج الاجتماعي والاستقرار في اليمن، بل حملها سبب اندلاع الحرب في اليمن، وأن ما حدث كان بتدبير انقلابي تحالفت فيه مع الحوثيين وصالح لتقويض الحكم في اليمن، والانقلاب على ما سماه مخرجات الحوار الوطني! هنا المخلافي تجاهل التخطيط للحرب سعودياً قبل وقوعها بأشهر عديدة، وامتلاك الكيان السعودي جل توازن القوى وأمراء الحرب المسيطرين في اليمن، ليجعل من إيران شماعة للعدوان الغربي بواجهة سعودية خليجية!
وواصل المخلافي سقوطه وهو يتحول إلى ناطق باسم وزارة داخلية الكيان السعودي، ومطابق لخطابها، فيصف ما حدث من إعدام لشهيد الكلمة الشجاعة في وجه سلطان عضوض وخانع ومستبد - نمر النمر، بأنه تنفيذ لحكم ضد إرهابي، فالمقاومة بالكلمة الشجاعة، والمسيرات السلمية داخل المملكة يعتبرها المخلافي عملا إرهابيا يستحق فاعله الإعدام والوصف بالإرهاب والإرهابي!
 ويستمر المخلافي في لغة التزييف والمغالطات حين يصف الدور الإيراني المقاوم في المنطقة بأنه يسعى لتحقيق حلم امبراطوري عدواني، وكأنه يصف الهيمنة الامبراطورية الغربية في المنطقة بغير العدوانية!
الممانعة والرفض عنده سلوك تمددي وامبراطوري عدائي، والخنوع والاستسلام والعمل كوكيل للإمبراطورية الأمريكية والغربية في المنطقة يراه المخلافي بأنه استقرار للمنطقة وتماسك لنسيجها الاجتماعي! بل وطالب الدول العربية باتخاذ كل الوسائل لمواجهة إيران بالوكالة عن الغرب الذي اتخذ في الظاهر طريق الاتفاق معها، وفي ذات الوقت دفع بكياناته الوظيفية في المنطقة لحشد تحالف عسكري واقتصادي ضدها!
يتحدث المخلافي عن التحديات التي تواجه الغرب ومحطات بنزينه في المنطقة العربية، على أنها تحديات تواجه الأمة العربية، ولهذا فإنه يطالب بتعزيز التضامن العربي الذي يقوده الكيان السعودي ويحدد وجهته!

أترك تعليقاً

التعليقات