أمريكا وورقة الظواهري
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
أمريكا أم المفاجآت تُبشر العالم باغتيال أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، بعملية جوية في كابول، وتضيف حكاية أخرى إلى ألبومها الفكاهي والمتسلسل حول “القاعدة” و”الإرهاب”، اللذين مثّلا حصان طروادة الذي صنعته أمريكا ثم اختبأت في جوفه لاقتحام العديد من البلدان العربية والإسلامية لاحقاً. كما أنّها جعلت من اغتيال قيادات القاعدة ومن حولها إنجازات للرؤساء الأمريكيين خلال العقد الأخير.
“قتلنا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري”. هكذا استهل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كلمته المُعدة عقب إعلان هذه العملية الواقعة قبل قرابة ثلاثة أيام في العاصمة الأفغانية كابول، وقائلاً بأنّ هذه الحادثة لن تمحى من ذاكرة الأمريكيين كإنجاز غير مسبوق، بذريعة أن الظواهري متورط في التخطيط لعملية الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، تلك العملية المخططة والمُفتعلة أمريكياً بامتياز.
بايدن ليس الأول أو الوحيد الذي اعتمد على استهداف زعماء التنظيمات “الإرهابية” كإنجازات له، فقد سبقه الرئيس الأسبق باراك أوباما باغتيال بن لادن بعملية اقتحام نفذتها قوات أمريكية خاصة فجر الاثنين 2 أيار/ مايو 2011 في مدينة أبوت أباد الواقعة في باكستان، ثم بعد ذلك أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مصرع زعيم تنظيم داعش “الإرهابي” أبو بكر البغدادي بتاريخ 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 في شمال إدلب بسورية في عملية إنزال جوية للقوات الأمريكية، حدثت بعدها مواجهات تمكن فيها البغدادي من الهروب قليلاً، ثم فجر حزاماً ناسفاً كان يرتديه، مضفياً عليها قليلاً من الدراما بقوله إنه كان مرتجفاً وباكياً قبل التفجير، القول الذي تحرّج قائد القيادة المركزية العسكرية الأمريكية، كينيث ماكينزي، من إثباته بحسب (BBC).
أيمن محمد الظواهري -خليفة زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن- مصري المولد، إخواني النشأة، قُطبي الميول، وواضح العقيدة السلفية المتشددة، ابتدأ طريقه القتالية بالمساعدة في تأسيس جماعة “الجهاد” المصرية في منتصف الستينيات، ثم تعرض في بداية الثمانينيات للسجن بتهمة اغتيال رئيس مصر الأسبق أنور السادات، حتى أفرج عنه بعد ثلاثة أعوام، توجه بعدها إلى السعودية ثم إلى أفغانستان لينضم إلى بن لادن، حتى أصبح ذراعه الأيمن في قيادة تنظيم القاعدة، الذي صنعته ودعمته أمريكا بفكر وهابي ومالٍ سعودي -حسب ما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون- لمواجهة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان ثم حدث ما حدث...
أما الظواهري فقد خلف بن لادن منذ العام 2011 وحتى اغتياله بداية الأسبوع الحالي.
بايدن أحرق ورقة الظواهري باكراً، ولم يؤجلها لفترة الانتخابات كما فعل من سبقه. وأيضاً التدخل العسكري واستهداف الظواهري يمثل خرقاً لاتفاق الدوحة الموقع مع طالبان في 29 شباط/ فبراير 2020. كما أن الظواهري يعتبر آخر القادة البارزين في تنظيم القاعدة، وهذا ربما يوحي بظهور جيل جديد من قيادات القاعدة الشابة تحمل الاستراتيجية المناسبة للتعامل الأمريكي الجديد في الفترة المقبلة وبعيدة المدى.

أترك تعليقاً

التعليقات