بريطانيا تعود عبر الخلايا
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
تحنُّ بريطانيا إلى مجدها الآفل. فمن قبل كانت أصيلة في بناء حضارتها التي أُسست على لحوم أهل الأرض، من استراليا شرقاً إلى الأمريكيتين غرباً. لكنّها اليوم تعود نائبةً عن «إسرائيل» اليهود - الذين صدّرتهم مع بقية دول أوروبا كمشكلة كبرى في المنطقة وزرعت كيان الاحتلال في فلسطين؛ إذ تقصف في اليمن وتزرع خلايا تجسسية بغرض جمع المعلومات الحساسة عن أماكن تواجد الأسلحة اليمنية وإطلاقها، حتى تستطيع الحد من العمليات اليمنية هي ومن يتحرك بمعيّتها.
خلية التجسس البريطانية المدربة والممولة من جهاز الاستخبارات البريطاني (MI6) انطلقت من السعودية ودُرِّبت في أرضها وبمشاركة ضباطها، حيثُ اتخذت من الدرعية مكاناً لذلك. ويبدو أن بريطانيا كما دعمت ومولت الملك عبدالعزيز مذ كان في الدرعية ليسيطر على نجد والحجاز، ظنت هذه المرة نجاعةً، وحسنُ الظن الدائم نقصانُ كياسة، ونقصان الكياسة فشلٌ في السياسة غالباً. وكان مصير الخلية التكشُّف والفشل بحبلٍ من الله ومن الأمن.
المملكة السعودية منذ بداية العمليات اليمنية المساندة حاولت المراوغة ظاهراً ولم تشارك في التحالفات الساعية لثني اليمن عن موقفه، وكشفت هذه الخلية وجهها الحقيقي المتسق غالباً مع التوجهات الغربية، في حينٍ الوضع السعودي حالياً لا يحتاج إلى المجازفة، فهي قد جربت من قبل استطاعة يد اليمن، وباعتقادي أنّ نيران «أرامكو» لم تذهب من أعينهم حتى الآن، وهذا واقعٌ يُفترض عليها حسبانه، فإن ضحّت بأولويات الأمة ومصالحها وتخلت عن قضايا الشعوب الإسلامية ومشكلاتهم إرضاء وتواطؤاً مع أمريكا وبريطانيا ومن معهم، يجب عليها ألا تضحي على الأقل بأمنها واقتصادها واستقرارها إرضاءً وحبّاً لمن لن يعصمها من يومٍ أحمر آتيها لا محالة جراء هذا الاستمرار.
لم تكن هذه الخلية الأولى، فقد سبقها إعلانٌ عن خلايا، وهو نجاحٌ ملموس للقوات الأمنية، وهذا دليل تكاملٍ لقوّتي اليمن العسكرية والأمنية، كما هو دليل فشلٍ وعجزٍ أمريكي - غربي - «إسرائيلي» وسعودي، مع تأييد الله وهو الأساس في كل ذلك، يجعلُ الجبهة الأهم في مواجهة أمريكا و»إسرائيل» ومشروعها آمنةً ومستمرة في خلخلة ذلك المشروع وإزعاجه، مع تشكيل وعيٍ وحماسٍ في عقول بقية الشعوب العربية والإسلامية الأبية بأن المواجهة متواصلة وستظل كذلك ما دام هناك تكامل وإرادة، حتى لو كان سائد الأنظمة وأتباعها يتلبدون بالخنوع والانبطاح أمام أمريكا و»إسرائيل».
لقد لفظ العالم بريطانيا، ومنه بلدنا في ثورة 14 تشرين الأول/ أكتوبر 1963، وأفشل شعبنا مشاريع كثراً لها وأحرق أوراقاً كثيفة لها. وتحركها اليوم خدمةً لكيان الاحتلال لا يزيدها إلا خبالاً على سوء إدراك، ومن الأفضل لها مجاراة جوارها الأوروبي بالانشغال حول المثلية وحقوق الكلاب ومسائل حق الطفل باختيار استمراره ذكراً أو التغيير إلى أنثى، بدلاً من الحنين إلى ماضٍ تولّى، وزيادة عارٍ إلى عار.

أترك تعليقاً

التعليقات