ليس كمثلِهِ رئيس
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
وتطلُّ علينا الذكرى الرابعةُ لاستشهاد الرئيسِ صالحِ الصماد، لتُذكّرَنا بهامةٍ إنسانيةٍ إيمانيةٍ وقياديةٍ فذّةٍ ربما تكونُ السنون قد شاختْ على الإتيانِ بمثلِهِ، وتذكّرنا أيضاً بمرارةِ الفقدِ والوجعِ والحرمانِ من نموذجٍ يكادُ يكونُ الأرقى من بينِ نماذجَ كُثرٍ أنجبتهم مسيرةٌ قرآنيةٌ مباركةٌ في بلدةٍ طيبةٍ وأرضٍ عظيمة.
صالح الصماد لم يصل إلى مقامِ الحكمِ بالمُنى أو التذللِ على أبوابِ العمالةِ والرضوخِ كمن سبقوه، بل بأيامٍ شابت منها النواصي، بدءاً بانطلاقتِه الصادقةِ في طلائع المنتمين للمسيرة القرآنية تعلماً، مروراً بسلِّ المواضي وخوضِ المعارك في بني معاذَ ومرانَ وغيرِهما (أثناء الحروب الست على صعدة) جهاداً وقتالاً للجائرين والمستكبرين، ثم تحركاً ثقافياً سياسياً اجتماعياً بوعيٍ ودرايةٍ إيمانيتين من عمق القرآنِ نسجتا فيه الحنكةَ والتوافقيةَ والكفاءةَ فيما بعد.
سنونٌ مضت والصمادُ فيها مجاهداً يتنقّلُ في المراتبِ الجهاديةِ في مختلفِ المجالات الجهاديةِ، حتى بلغَ كرسي الحكمِ، الذي عاشَ عقوداً تحت أذنابٍ لأذناب دنيئةٍ، وفي فترةٍ كانَت بحاجةٍ لرجل عظيمٍ كالصمادِ يقودُ بلاداً أصيلةً وشعباً أصيلاً لا يليقُ بهما إلا السؤدد والمجدَ، فمضى به رئيساً مجاهداً ومصلحاً يُبيدُ العداواتِ الداخليةِ ويبيدُ الأعادي المحتلين صداً عن الوطنِ وتأبيداً للاستقلالِ ولملمةً للقلوبِ قبل الصفوف، ويتصدرُ المسؤولين في المسؤوليةِ المُلقاةِ على كاهِلهِ، وجرت كفّاه تملأُ البيوتَ والأكواخَ عدلاً وحباً، وبمشروعه “يدٌ تبني ويدٌ تحمي” استطاعَ أنْ يشفي مُعظمَ آلام الروماتيزم التي أصابتْ وتصيبُ كلَّ مفاصلِ الدولة.
ملكَ الشهيدُ الصماد زمامَ الحكمِ ولم يُضفِ ذلك على نفسِهِ شيئاً من الأُبهة أو الكِبْرِ، بل بذاتِهِ أضفى مثالاً يُهتدى به، فلم ينسَ أنّهُ مجاهد وصولاته في الميادين تُبرهنُ ذلك، ولم ينسَ إنسانيتهُ، وجولاته بينَ أطيافِ الشعب بكل مكوناته تشهدُ على ذلك، ولم تشغلْهُ كثرةُ الأوراقِ والحاشيةِ من حولِهِ أو تنسيهِ بساطته، واندماجه مع البسطاءِ والتماسِ أحوالِهم واستماعِ أنينِ أوجاعِهم خيرُ الشاهدين عليه وبساطته، حتى عُرِج به غيلةً وشهيداً فائزاً إلى دارِ الخلودِ والنعيمِ الدائم.
الشهيد الصماد، نعم، ليس كمثلِه رئيس، بكل ما تحمله الرئاسة من معنى، فقد كان فلتة القرن الحادي والعشرين، التي أعادت لليمن، الحضارة والإنسان، بقية من شخصيات أسطورية حقيق على اليمن أن ينجب من مثيلاتها وبشكلٍ كثير.

أترك تعليقاً

التعليقات