في يوم الجمعة.. لمن السفينة؟!
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
يوم الجمعة عيد المسلمين الأسبوعي، له طقوس معينة كثيرة، منها الواجب ومنها المستحب. ولعل أبرز المستحبات فيه قراءة سورة الكهف، لما جاء في الأثر عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بأنها «تضيء ما بين الجمعتين». وهذه السورة المباركة مليئة بالحكم والقصص الحكيمة وأكبرها قصص موسى عليه السلام مع الخضر الثلاث، لاسيما قصة خرق السفينة، والذي كان سببه ونتيجته في قوله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها، وكان وراءهم ملكٌ يأخذ كل سفينة غصبا}، فمن محاسن الصدف إبان قراءتها جاءنا نبأ استهداف سفينة في ميناء الضبة النفطي في حضرموت بطائرتين مسيرتين، فأطرقنا برهةً للمقارنة؛ إلا أننا فوجئنا باستحالة الجمع والمقارنة؛ فهذه غيرُ تلك تماماً؛ فتلك سفينة لمساكين يعملون في البحر، وهذه لملوكٍ يغتصبون حق المساكين من البر والبحر.
فالسفينة الأخيرة اسمها «نيسوس كيا»، تحمل علم جزر مارشال، أبحرت من كوريا الجنوبية إلى ميناء الضبة لنهب ما يقارب مليوني برميلٍ من النفط الخام. وعسكرياً السفينة ليست الأولى استهدافاً - بشكلٍ عام، فقد سبقها استهداف وتدمير سفن حربية كـ»سويفت» و»المدينة» واقتياد «روابي» واحتجازها في سواحل الحديدة؛ إلا أن هذه هي الأولى استهدافاً ومنعاً من الناحية الاقتصادية؛ كونها تجارية لا عسكرية. كما أنها ليست الأولى نهباً للنفط اليمني فقد سبقها خلال الأشهر الماضية على أقرب مثال حوالى خمس سفنٍ عملاقة حملت ملايين البراميل من النفط الخام من ميناء الضبة في حضرموت والنشيمة في شبوة.
الاستهداف لم يكن فجائياً؛ ولكنه جاء بعد تهديدٍ شديد اللهجة للشركات الأجنبية ولدول العدوان، أشعله السيد عبدالملك الحوثي في خطابه المتلفز في ذكرى ثورة الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر، وأكده رئيس المجلس السياسي الأعلى بتوجيه في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، وعقب انتهاء الهدنة، بمنع نهب الثروات السيادية اليمنية، وإرسال خطابات المنع إلى كافة الشركات الأجنبية بحسب اللجنة الاقتصادية العليا... وأهمها النفط اليمني الذي عاث فيه المحتلون والخونة فساداً، حيث بلغ إجمالي المنهوب منه، بحسب وزير النفط بصنعاء، من العام 2018 وحتى منتصف العام الجاري، ما يقارب 116 مليون برميل من النفط الخام بقيمة أكثر من 9 مليارات و500 مليون دولار، وهو مبلغ يكفي لصرف مرتبات الموظفين في جميع أنحاء الجمهورية أعواماً، وليس مناطق جغرافيا السيادة الوطنية فقط.
هذه المرة كانت تحذيراً، ولم تُصب السفينة بأذى، وكذلك الميناء لا خوف عليه، فنحن أحرصُ من يحافظ على البنية التحتية وأكثر اهتماماً من أولئك الذين أدانوا واستنكروا، فلو حملوا همّ الوطن لما باعوه وتنازلوا عن سيادته في بورصة الخيانة والارتزاق وجعلوا مبادئهم وكرامتهم أُلهية يلهو بها السعودي والإماراتي والأمريكي.
صنعاء الثورة ترجمت أقوالها أفعالاً؛ فكما طالت أيادينا بقيق وخريص وينبع وموانئ تصدير النفط السعودي، وجعلت ملوك النفط يراجعون حساباتهم ويوقفون عدوانهم، فهاهي اليوم تمنعهم هنا في اليمن، وستجعلهم يوقفون نهب ثرواتنا وتجعلهم يراجعون حساباتهم فيما آلوا إليه بعد ثماني سنوات فاشلة من عدوانهم وحصارهم لنا، فلا طاقة لنا بالجوع وغيرنا يسرق حقنا من أفواهنا، فهذا حقنا ولا مِنّةَ لأحدٍ فيه علينا، ومن بغى علينا اليوم تدور عليه الدائرة غداً. والله المستعان وعليه الاتكال.

أترك تعليقاً

التعليقات