الأقصى بين وهمٍ غير ثابت وحقٍّ لا يزول
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
ليس جديداً أن يقتحم المستوطنون الغاصبون باحات المسجد الأقصى، يقفون متوجسين يردد بعضهم تراتيل تلمودية، وينبطح آخر على الأرض في طقسٍ يُسموّنه عبادة، تحرسهم البنادق الصهيونية... مشهد يتكرر يومياً، يعيدون مسرحيةً واهنة لم يثبتها تاريخ ولا تؤيدها تنقيبات لا تكف عن الحفر في أرض القدس.
أوهام «الهيكل» يلاحقونها منذ عقود، يحاولون تكريسها بالاقتحامات المنظمة والطقوس العلنية، ويستظلون براية جماعة «الهيكل» المتحولة إلى أداة تنفيذية لمشروع التهويد، وهو مشروعٌ بدؤوا فيه منذ العام 1967 بمحاولات اقتحام متكررة، كان أبرزها إحراق المسجد الأقصى عام 69 ثم أكتوبر  من العام 90 حين سعوا لوضع حجر الأساس للهيكل المزعوم داخل الأقصى، فوقف لهم الفلسطينيون، لتتدخل آلة الاحتلال مخلفة مئات الشهداء والجرحى والمعتقلين.
تواصلت المساعي بحفريات أسفل المسجد وبناء كنيس يهودي تحته عام 2006، ثم محاولات نقل الطقوس التلمودية إلى داخل الباحات علناً. وفي 2012 منح حزب الليكود غطاءً سياسياً لمشروع إقامة كنيس داخل الأقصى، لتتطور الطقوس لاحقاً إلى نفخ الأبواق وإقامة الصلوات عند الحائط الشرقي عام 2022.
وراء هؤلاء دعم رسمي من كيان الاحتلال، وغطاء مالي من جمعيات أمريكية، ومساندة من مسيحيين إنجيليين يقودهم القس جون هاجي، ثم جاء الرئيس الأمريكي ترامب -في فترته السابقة- ليمنح مشروعهم أكبر هدية، حين اعترف بالقدس عاصمة للاحتلال، وزارها مصلياً، فيما تبعه سفيره باقتحام ساحات الأقصى قبل أشهر قليلة.
لكن يبقى الأقصى ثابتاً في مكانه، كالمشعل في قلب القدس، تصونه قبة الصخرة الذهبية التي تشهد عليها السماء والأرض. حجارتها تتوارث التاريخ، وشعبها يحرسها كما لو أن الليل والنهار يتناوبان على خدمة هذا الثبات. كل دخيلٍ جاءها متوهماً خرج منها ذليلاً، وكل من قصدها بعزةٍ احتضنته رحابها.
ذلك هو الفارق بين وهمٍ يطاردونه منذ عقود، وحقٍّ يثبته التاريخ كل يوم: أن الأقصى لأهله، وأنه باقٍ ما بقيت القدس.

أترك تعليقاً

التعليقات