توسع الكيان بضوء أخضر أمريكي
- مرتضى الحسني الثلاثاء , 17 ديـسـمـبـر , 2024 الساعة 12:18:20 AM
- 0 تعليقات
مرتضى الحسني / لا ميديا -
"الشرقُ الأوسطُ الجديد" المشروعُ الأكبرُ الذي يسعى إليه نتنياهو ومن ورائِهِ أمريكا، فبِهِ لا غيرَهُ تكبُرُ "إسرائيل" وتتوغلُ "الدولةُ اليهوديةُ" محققةً النبوءةَ التوراتيةَ من جهةٍ، وأخرى تطويعاً أوسع للشعوبِ العربيةِ واستفراداً بثرواتِها الهائلةِ لصالحِ أمريكا.
المشروعُ ليسَ جديداً، فقد روّجت له من قبلُ كونداليزا رايس، وزيرةُ خارجيةِ الرئيسِ الأمريكي الأسبق بوش الابن، بعد أحداثِ أيلول/ سبتمبر 2001، دأبت عليه الولاياتُ المتحدةُ من خلالِ خلقِ فوضى خلّاقةٍ في الدولِ العربيةِ أو ما سُمّيت لاحقًا "الربيعِ العربي"، بعدَ استغلالِها للفُرقةِ الناشئةِ بينَ دولِهِ، إمّا من ناحيةِ التقسيمِ الجغرافي الناتجِ عن "سايكس بيكو" التي قلّصت طموحات الشعوب، وإما عن حروبِ الوكالةِ الداخليةِ التي كانَ يقومُ بها حكامُ الأنظمةِ العربيةِ انشغالاً عن المعضلةِ الكبرى في المنطقةِ المُسمّاةِ "إسرائيل".
غذّت أمريكا ومن معها تلكَ الحروبَ وزادتِ التفككَ، لاسيما مع غيابِ مشروعٍ عربيٍ وإسلاميٍّ جامعٍ يضبطُ بوصلةَ المنطقة. أُنهكت القوةُ البشريةُ وأُنفقت ثرواتُ المنطقةِ في غيرِ مصرفِها، وإذا بزغَ فجرٌ يتجهُ نحو القضيةِ الكُبرى للأمةِ (فلسطين)، وارتهُ حُجبُ أمريكا بالحربِ والشيطنةِ، مع فتحِ هوّةٍ، عرقيةً أو طائفيةً، تحُدُّ من انتشاره. حتى أتت مرحلةُ الطوفانِ هذه، إذ تُشكلُ طفرةً نوعيةً في تاريخِ الصراعِ مع كيانِ الاحتلالِ "الإسرائيلي".
والاحتلالُ "الإسرائيلي" أساسُ مشروعِ "الشرقِ الأوسطِ الجديد"، ترعاهُ أمريكا وتعيدُ رسمَ الجغرافيا ثم تُفهرسُ قائمةَ الدولِ حسبَ الكيفِ الذي يريد، لا الذي يريدُهُ الشرقُ بنفسِهِ وشعوبِهِ. فخلالَ ثمانيةِ عقودٍ عبَرَت، ظلّت "إسرائيل" كياناً غريباً في الشرقِ الأوسط بنظرِ كلِّ الشعوبِ، ولو تماهت الأنظمةِ خلسةً من تحتِ الطاولاتِ، حتى ظهرت علانيةً في بعضِ الدولِ، ابتداءً من "كامب ديفيد" وحتى "ابراهام". غيرَ أنّ أعضلَ المعضلاتِ الشعوبُ، ولو كبّلتها قيودُ الحُكامِ، فصحوتُها آتيةٌ لا محالة.
يقولُ سموتريتش إنّ الواصلَ الجديدَ للبيتِ الأبيضِ يعرفُ مصالحَ "إسرائيل"، في حينٍ يدعو إلى حرقِ الضفةِ ومن فيها للاستيطانِ وضمِّها لـ"إسرائيل"، متجاوزاً ما يُسمى "اتفاقية أوسلو" التي طواها الكيانُ وألقاها في سلةِ النفايات، ولم تعد ذات ذكرٍ إلا عندَ السلطةِ الفلسطينيةِ الميتةِ سريرياً والأنظمةِ العربيةِ المُلقاةِ على رفوفِ الوهم، وهمِ أمريكا والغربِ والدولةِ الناشئة.
سيعتلي ترامب البيتَ الأبيضَ قريبا،ً وهو الخادمُ لـ"إسرائيل" كثيراً، فقد تقرّبَ لها بما لم يفعلْهُ الأوائلُ؛ إذ اقتطعَ لهم شرعيةَ الجولان السوري وكأنّه من إرثِ أبيه، ونقلَ السفارةَ الأمريكية إلى القدسِ كعاصمةِ لكيانِ الاحتلال، ثم أتبعَهما بصفقةِ القرنِ تطبيعاً مع الإمارات والبحرين.
مظاهرُ "الشرقِ الأوسطِ الجديدِ" تتسعُ حالياً في ضمِّ الضفةِ الغربيةِ وتهجيرِ أهلِها إلى الأردن، والتمددِ إلى سورية حيثُ انتهكت اتفاقيةَ وقفِ إطلاقِ النارِ مع سورية، واجتازت المنطقةَ العازلة وصولاً إلى قمةِ جبلِ الشيخِ، واستباحةِ سورية عبرَ ضربِ كلِّ مقدراتِها العسكريةِ مستغلةً للأحداثِ الضاريةِ فيها، ومغتصِبةً للشرعيةِ الدولية، وهي التي لم تعرف طيلةَ عمرِها أيّةَ شرعية.
ضمنَ هذا المشروعِ تسعى "دولةُ" الاحتلالِ للسيطرةِ أكثرَ حتى تصلَ المملكةَ السعوديةَ ومصرَ، وهما حليفا أمريكا الأهمُ في المنطقةِ؛ لكنّ أمريكا لا تعرفُ أحداً سوى "إسرائيل"، حتى وإنْ سهروا يخطبون ودَّها، فدهاليزُ السياسةِ لا تفتحُ أفقاً عندما تمتلئُ بقضايا مصيريةٍ كهذه، فالحدُّ في فوهةِ البندقيةِ، والمنعُ بأكفِّ الرجالِ لا خضوعَ السياسة.
المصدر مرتضى الحسني
زيارة جميع مقالات: مرتضى الحسني