بتوقيت مجلس الأمن!
 

مرتضى الحسني

مرتضى الحسني / لا ميديا -
عقد مجلس الأمن جلسته الطارئة بدعوة من مندوب كيان الاحتلال، تارةً يشكو الزمان الذي أوقعه تحت وطأة الصراع مع اليمن والعالم يتفرج، وأخرى يزبدُ فيها ويرعد بأنّ كيانه لن يتسامح مع قوات اليمن المسلحة ويعدُ العالم بأنّه سيفعل معها ما فعله بحزب الله وحماس. يقفُ في نيويورك والناسُ منصتون، إذ صوته يضج في القاعة، فيأتيه صوتُ صافرات الإنذار من البلد الذي يمثله وليس له: إنه من سبأ وإنه بسم الله ثم بسم فلسطين.
لم تنتظر قوات اليمن المسلحة مطلع الفجر حتى تضرب كما كل مرة، بل تقدمت لساعات، وتلك رسالة، فهذه المرة لا نبغي فزعاً وتدميراً فقط، وإنما هي لا مبالاة بتهديدات ووعود يطلقها كيان الاحتلال. فإن كانت مجدية فذلك عند الأعراب المطبعين الذين ألفوا تصعير الخدِّ ولبس البردعة، لا عند من خلخل طبقات الجو وطوّع الجغرافيا حتى وصلت صواريخه وطائراته المسيّرة يافا وعسقلان وأسدود والنقب بعد «إيلات».
خلال الأيام العشرة الأخيرة تصاعدت عمليات القوات المسلحة اليمنية على كيان الاحتلال، حتى أصبحت «تل أبيب» وما حولها تصحو على صوت الصافرات والانفجارات، وتبزغ نار الصواريخ اليمنية قبل بزوغ الشمس، وتبدأ يومها بالتزاحم على الملاجئ لو أسعفها الوقت، ما لم فتراها على الأرصفة والطرقات ذليلة منبطحة، لا ترى تراباً تدس رأسها فيها حتى نشبهها بالنعام.
ارتفاع الوتيرة هذا جعل نتنياهو يوجه مندوبه لدعوة مجلس الأمن قبل دخوله المستشفى لإجراء عملية جراحية لورم البروستاتا، بحثاً عن دعم عالمي بعد فشلٍ حصدوه في إيقاف عمليات الإسناد اليمنية، فقبل أيام معدودة ضربوا مطار صنعاء الدولي في حضرة الأمم المتحدة التي أصيب أحد موظفيها، ومن قبل محطتي ذهبان وحزيز وميناء الحديدة ومحطة رأس كثيب... وعقب كل ضربة يأتي ردٌّ عليهم يخرجون منه كأنهم حمرٌ مستنفرة فرّت من قسورة.
في سردية الصراع العربي - «الإسرائيلي» منذ نشأته في المنطقة يعتمد العدو على الدعم الدولي من جهة، ومن أخرى الترهيب والقوة العسكرية، فنجح في تجميد الصراع وزرع الخوف في قلوب الأنظمة العربية، بل والتطبيع مع بعضها والدخول معها في علاقات متينة، أو توكيل الأمر إلى أمريكا لسبك العلاقات وتفكيك القوى، وهذا ما لم يفلح فيه مع اليمن الذي لم يُرهب، ولم تلقَ أمريكا نجاعة في تحالفها الساعي لوقف العمليات اليمنية على الرقعة المائية المجاورة والبعيدة. فبدا الوضع مربكاً للحسابات الصهيونية والغربية أيضاً، إذ الحصاد ضرب كفٍّ بأخرى فشل أمام الإصرار اليمني على مواصلة المعارك حتى فك الحصار ووقف العدوان على غزة.
طيلة العصور يتميز اليمني بالبأس الشديد والعناد الفائق مقابل الذلة والمسكنة لليهود، وهذا بلا شك كلما زادت السنوات لازمتها هذه الصفات. بالتالي نرى تجلي هذه الصفات في وقع المعركة الحاليّة، وهذا ما يجب على العالم أن يحسب له الحسبان، بدلاً من الرسم على الهواء والتحرك نحو بدائل لا تجني لهم سوى المزيد من الفشل والفضائح. ومن عاش خبّر.

أترك تعليقاً

التعليقات