الهدنة والتهدئة إلى أين؟!
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
مر عام ونصف على إعلان الهدنة في اليمن؛ إلا أن التقدم نحو السلام الدائم ووقف العدوان والحصار لا يبدو ممكناً في الوقت القريب.
ويعود السبب في تعثر الجهود الرامية لتحقيق السلام في اليمن إلى عدة عوامل، منها وجود اليمن في منطقة استراتيجية مطلة على طريق التجارة العالمية ومتحكمة بمضيق باب المندب، بالإضافة إلى أنه البوابة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية، ويمتلك مجموعة من أهم الشواطئ والموانئ الاستراتيجية التي تؤهله ليكون سوقاً تجارية كبيرة ومنطقة حرة تربط الشرق بالغرب وتغني العالم عن موانئ دبي وجبل علي، والأهم من ذلك وجود مخزونات هائلة من النفط والغاز في جوف الأراضي اليمنية.
كل هذه العوامل تجعل اليمن عرضة لمطامع ومصالح قوى إقليمية ودولية متعددة، ثم إن وجوده جوار السعودية زاد الطين بلة، وجعل اليمنيين يعيشون أسوأ فترة في تاريخهم، نتيجة أطماع ومؤامرات هذه الجارة على بلادهم وتدخلاتها التي لا تنتهي.
حرص النظام السعودي على التخلص من العقول اليمنية الصادقة والوطنية وتمكين أشخاص فاشلين وفاسدين وعملاء له في موقع القرار والسلطة، مما عطل التنمية وزاد حالة الفقر والجهل والبطالة، رغم مما تمتلكه بلادهم من ثروات كبيرة.
أنفقت السعودية أموالاً هائلة ليس لتنمية اليمن، بل لشراء العملاء والخونة لكي تضمن بقاء هيمنتها على البلاد وإحباط أي محاولة للتغيير والخروج من هذا الوضع، وجزء من تلك الأموال السعودية ذهب لتغذية الانقسام والتطرف والإرهاب في اليمن، وما العدوان العسكري والاقتصادي والحصار المفروض على البلاد إلا جزء من التدخلات السعودية التي لا يبدو أن لها آخر.
ومع أن هناك جهوداً مبذولة من الأشقاء في سلطنة عُمان للوساطة بين صنعاء والرياض؛ إلا أنها لم تثمر بعد تخفيف معاناة اليمنيين، ولم تتقدم السعودية خطوة واحدة نحو السلام، ولا تزال المفاوضات محصورة في الملف الإنساني، والمتمثل في دفع مرتبات موظفي الدولة ورفع القيود عن الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء الدولي وفتح الطريق أمام السفن التجارية للدخول إلى موانئ الحديدة.
أما مطالبنا المتعلقة بإنهاء العدوان والحصار والخروج من اليمن والتخلي عن الوصاية والهيمنة السُّعودية على اليمن ووقف التدخل في الشأن اليمني وإلغاء اللجنة الخاصة السعودية والتوقف عن شراء العملاء والخونة، فهي لن تتحقق بالمفاوضات والحوارات والوساطات، بل تحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك، وهو ما تعمل عليه القيادة السياسية.
وأعتقد أن كل هذا يضعنا في الصورة، ويجعلنا ندرك حجم وصعوبة وعظمة المعركة التي تخوضها القيادة السياسية وحجم التحديات المطروحة أمامنا وأمام كل من لديه مشروع وطني، وأيضاً مشقة الطريق التي يسلكها الوفد الوطني الذي يخوض معركة شديدة ومفخخة وأكثر مكراً ودهاءً.

أترك تعليقاً

التعليقات