من هنا سيأتي هلاككم
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
يأخذ أبناء وأحفاد الملك السعودي عبدالعزيز بن سعود (مؤسس الدولة السعودية الثالثة) الوصية الأخيرة له وهو على فراش الموت على محمل الجد، حين أشار بيده نحو الجنوب قائلاً: «انتبهوا! انتبهوا! فمن هنا سيأتي هلاككم وزوال ملككم، فلا تطمئنوا لهم، وحاربوهم باستمرار وبكل الوسائل وفى كل الأوقات، سلماً أو حرباً». إلا أن أبناء الملك الأوائل أدركوا بالفطرة أن خوض المعارك العسكرية مع أبناء اليمن هو الهلاك نفسه، وأن الأفضل هو محاربة أبناء اليمن سلماً وليس حرباً.
وبمساعدة من الأصدقاء القدماء الذين كان لهم الدور الأبرز في نشأة الكيان السعودي (البريطانيين) استطاع حكام بني سعود الاهتداء إلى أفضل السبل والوسائل للسيطرة على اليمن وأبنائها وكبح جماحهم والإبقاء عليهم تحت السيطرة من خلال السيطرة على رأس الهرم النظام الحاكم.
وقد لعبت بريطانيا دوراً مهماً وكبيراً في هذا المجال، من خلال زراعة ودعم أشخاص فاشلين وفاسدين ومساعدتهم للسيطرة على السلطة، خصوصاً بعد أن تم إسقاط أهم المعوقات، وهو النظام الملكي في اليمن، والذي كان من الصعب اختراقه.
وبدلاً من مواجهة الشعب اليمني أو السيطرة عليه استطاع النظام السعودي السيطرة على مجموعة أشخاص، ومن خلالهم تمت السيطرة على اليمن كاملة، ومن خلال هؤلاء الأشخاص استطاع النظام السعودي السيطرة على الاقتصاد والثروات اليمنية وتعطيل التنمية وإفشال العملية التعليمية والصحة ونشر ثقافة الفساد في مؤسسات الدولة وخلق الانقسامات المناطقية والمذهبية في بنية المجتمع، وجعل أبناء اليمن يعيشون في فقر وجهل وتخلف رغم كل ما يمتلكون من ثروات وإمكانيات هائلة.
وكلما ظهر شخص أو جماعة تحاول إخراج اليمن من تحت الوصاية والهيمنة السعودية تتحرك الأدوات والأذرع السعودية للقضاء عليه وإحباط أي محاولة لتغير الوضع الذي كان قائم.
وكم اغتال النظام السعودي من عقول وأشخاص عظماء كانوا يشكلون خطرا على المشروع السعودي في اليمن، ولم يكن الرئيس إبراهيم الحمدي إلا واحدا من مئات بل آلاف الأشخاص الذين رفضوا الوصاية والهيمنة السعودية على اليمن، ووصلت إليهم الأذرع السعودية لتخرس ألسنتهم إلى الأبد.
وعندما جاهر السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (سلام الله عليه) برفض الهيمنة والوصاية السعودية وعمالة النظام السابق للرياض شاهدنا كيف تحركت أذرع النظام السعودي ومن خلفه أمريكا وكيف تحركت الجيوش نحو صعدة وكيف تم شن ست حروب على أبناء صعدة حتى استشهد السيد القائد (رضوان الله عليه).
إلا أن دماء الشهيد القائد أثمرت عزة وكرامة توجت بثورة 21 أيلول/ سبتمبر التي قطعت أذرع أمريكا والسعودية في اليمن واقتلعت العملاء والخونة وقضت على الهيمنة والوصاية الخارجية وعلى الوضع الذي كان قائما لعقود، مما دفع بالنظام السعودي إلى العودة إلى وصية الأب والجد واللجوء إلى الخيار الذي تهرب منه الجيل الأول من حكام بني سعود، وهو خيار الحرب عسكرياً والذهاب نحو المصير المحتوم الذي تنبأ به المؤسس عبد العزيز بن سعود، وهو هلاك قرن الشيطان على أيادي أبناء الشعب اليمني بإذن الله، شاء من شاء وأبى من أبى.

أترك تعليقاً

التعليقات