مواجهة الغزو الثقافـي
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
منذ عقود يحاول رجال الدين والحكام العرب والمسلمون مواجهة الغزو الثقافي والانحلال والانحراف الأخلاقي الذي يغزو مجتمعاتنا، بفرض مزيد من الانغلاق وإقفال الأبواب على النساء وفرض الحجاب والجلباب ومنع الاختلاط؛ لكن وبمرور الأيام أثبتت تلك الوسائل فشلها، وأصبحت المجتمعات العربية والإسلامية مجتمعات ضعيفة أكثر في مواجهة ذلك الغزو الثقافي، وأصبح العرب والمسلمون هم رواد بيوت الدعارة وأكثر الباحثين عن السياحة الجنسية؛ وفي المرتبة الأولى على مستوى العالم في استخدام شبكة الإنترنت استخداما سلبياً؛ إذ إن 95% منهم يستخدمون الإنترنت للبحث عن المواقع الجنسية.
وفي ظل وجود الدش والبث الفضائي وشبكة الإنترنت التي وصلت إلى الجيل الخامس من التقنيات والذكاء الاصطناعي وأجهزة الجوال التي يمتلكها الصغار والكبار والنساء والأطفال والجاهل والمتعلم تصبح عملية مواجهة الغزو الثقافي الغربي بالوسائل القديمة أمراً سخيفاً للغاية ومعركة خاسرة من المستحيل الانتصار فيها، بل إن الوسائل القديمة مثل فرض الجلباب ومنع الاختلاط وتقييد شبكات الإنترنت سيكون لها نتائج عكسية تصب في مصلحة الغزو الثقافي الغربي، فكل ممنوع مرغوب عندما لا يكون هناك وعي وقناعات راسخة وإيمان حقيقي.
وأفضل وسيلة لمواجهة التحديات والانحراف الأخلاقي كما نقول دائما هو العلم والمعرفة، وزراعة الوعي وخلق القدوة الحسنة والناجحة من رجال ونساء ملتزمين، ومنح الثقة للشباب والفتيات بعد أن نزرع فيهم القيم والأخلاقيات الحميدة، وأن نتحاور معهم بطريقة مهذبة تحترم عقولهم دون الصراخ والتخويف بعذاب النار أو العقاب الجسدي، وتشجيع الأطفال على التمسك بالعادات والتقاليد الحميدة والأعراف القبلية والمجتمعية التي يحسب لها الناس ألف حساب ويخشى الجميع القفز عليها وتجاوزها، وتسهيل الزواج وكسر تلك العادات السيئة من التفاخر والبذخ في النفقات في الأعراس والمناسبات، وعلى العائلة تقع المسؤولية الكبيرة في مواجهة الانحراف الأخلاقي.
كما أننا نستطيع تعليم الأطفال والشباب أن شبكة الإنترنت لم توجد للمتعة ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، بل يمكن لهم اكتساب العلم والمعرفة والمهارات المختلفة عبر الإنترنت والتجارة والتسويق الإلكتروني وصناعة البرامج والتطبيقات وكسب ملايين الدولارات من هذه الأمور عبر الإنترنت كما يفعل الغرب والشرق.
أما الدولة فيقع عليها مسؤولية الحفاظ وتنفيذ القوانين ومراقبة من يخالف تلك القوانين، وليس مراقبة وضبط أخلاقيات الناس. وفي حال أخذت الدولة على عاتقها مهمة مراقبة أخلاقيات وسلوك الناس ومعاقبة من يخرج على تقاليد وعادات المجتمع فقد يؤدي ذلك إلى خلق أخلاقيات شكلية لا تحافظ ولا تحمي الأمة من الانحراف، ليظهر تحت ذلك القناع الأخلاقي الشكلي مجتمع منحرف وتدين ظاهري فقط دون وازع أو قناعات.

أترك تعليقاً

التعليقات