في ذكرى كربلاء
 

محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
ليس هناك ما هو أدل ولا أوضح ولا أبلغ من كربلاء وما حدث فيها من جريمة بشعة ومجزرة مرعبة بحق أشرف وأطهر البشر وأكثرهم قرباً ومودة وعلماً وحسباً ونسباً من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للتدليل على ضياع وانحراف الأمة عن الدين الإسلامي وما جاء به رسول الله، وعلى انقلاب الطلقاء وسيطرة أعداء الإسلام على مقاليد الحكم والسلطة وضياع الدين المحمدي.
وأعتقد أنه لو كان هناك بقية قليلة من الدين المحمدي الصحيح وذرة من الإيمان والارتباط برسول الله وبما جاء به في قلوب من عاشوا تلك الفترة وكانوا شهوداً على طغيان وضلال وكفر يزيد بن معاوية ومظلومية الحسين وآل البيت (عليهم السلام) لما حدث ما حدث، وما وصل يزيد إلى السلطة، ولا استطاع أن يرتكب مثل تلك الجريمة البشعة بحق سبط رسول الله وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين (عليه السلام) ومن معه من نساء وأطفال هم من طلب وسأل رسول الله لهم مودة ومحبة أمة الإسلام ومن يؤمن بالله ورسوله: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى». هؤلاء الذين سُفكت دماؤهم في كربلاء هم من وصفهم الله بذوي القربى والنسب وطلب مودتهم في هذه الآية الكريمة.
فهل كان طلب رسول الله كبيراً؟! وهل من المعقول أن يقدم شخص مؤمن بالله وبرسوله وفي قلبه ذرة من الدين المحمدي الصحيح ولديه ارتباط برسول الله ووصل إليه قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب الحسين»، أن يقدم على هكذا عمل أو يسمح بحدوث ما حدث للإمام الحسين وأهل وأصحاب الحسين في كربلاء، وفي جسده قطرة من الدماء والرجولة والإيمان؟!
وكيف لنا تسمية ما حدث بالفتنة؟! وهل من المعقول أن يكون الإمام الحسين طرفاً في فتنة يلتبس على الناس فيها معرفة الحق من الباطل والطرف الآخر هو أكثر أهل الأرض فسقاً وكفراً وطغياناً؟! كيف يمكن لمسلم أن ينكر علينا إحياء ذكرى كربلاء وتذكر أحداثها والحزن وحتى البكاء ليس على الإمام الحسين، بل على أمة ذبحت الحسين وأمة وقفت تشاهد ذبحه وأمة صمتت على تلك الجريمة وأمة تسمي ما حدث في كربلاء بالفتنة وتستنكر إحياء ذكرى كربلاء؟! مع أننا لا نتذكر ولا نحيي كربلاء من أجل الانتقام أو محاسبة أحد، بل لإظهار الحقيقة وتصحيح الأخطاء والانحراف الكبير والخطير في مسار الأمة وحتى نستعيد الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحتى نعود كما كنا خير أمة.
كما أننا لا نتحدث أو نحيي ذكرى كربلاء كي نغذي الصراعات الطائفية والمذهبية، مع أن ما حدث في كربلاء لم يكن صراعاً طائفياً أو مذهبياً، بل صراعاً بين الإيمان والكفر والخير والشر والصدق والكذب، بين الطهارة والنجاسة. كما أن الحسين لم يكن طائفياً أو مذهبياً أو محسوباً على طائفة، بل كان الإيمان كله وحامل ميراث جده الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ويمثل الدين المحمدي والصدق والطهارة.

أترك تعليقاً

التعليقات