محمود المغربي

محمود المغربي / لا ميديا -
يتصاعد الغضب في الأوساط السياسية الأمريكية نتيجة الفشل الكبير في مواجهة الهيمنة الصينية التي بدأت تأخذ أشكالاً جديدة وتتجاوز الهيمنة الاقتصادية المحسومة لصالحها.
فبعد عقدين من صراع صيني أمريكي على الهيمنة الاقتصادية، ربحت الصين وخسرت أمريكا، وها هي الصين تبدأ أول معاركها للهيمنة الأمنية، وتختار منطقة حساسة كانت مقفلة بالشمع الأحمر الأمريكي ويمنع الاقتراب منها. وعلى ما يبدو أن الصين قد ربحت أول جولة في هذه المعركة، فيما تحاول أمريكا الاستيقاظ من كابوس مزعج، واستيعاب الصدمة، وتقليل أهمية ما حدث تارة، والتشكيك في النوايا الإيرانية وصمود هذا الاتفاق تارة أخرى، إلى محاولة تخويف النظام السعودي من الخطر الإيراني، وقرب امتلاك إيران قنبلة نووية، في محاولات يائسة من قبل البيت الأبيض لامتصاص غضب النخب السياسية الأمريكية.
أما التنين الصيني فذهب ليحتفل بهذا الانتصار والاستفادة القصوى منه والتباهي به. وعلى ما يبدو أن الصين لن تتنازل عن هذا الانتصار، ولن تسمح بإفشاله، ولن تتراجع خطوة إلى الوراء، وستذهب إلى أبعد مدى في الدفاع عن الموقع الذي وصلت إليه، وهذا ما يجعل النظام السعودي، الذي نجهل حتى الآن نواياه الحقيقية، يبدو واثقا من نفسه وغير آبه للعواقب وردة الفعل الغربية.
ومن الواضح أن الصين قد قفزت قفزة كبيرة إلى الأمام، وتقترب من أمريكا إلى الحد الذي لم يصل إليه أحد. وهي تراهن على العجز الأمريكي في هذا الوقت وعدم قدرته على الدخول في مواجهة عسكرية، خصوصا مع عدو يخشى مواجهته عسكرياً ويجهل قدراته العسكرية.
وأعتقد أن أمريكا ستتقبل الصفعة الصينية في الوقت الراهن، وتحاول إرجاع النظام السعودي إلى بيت الطاعة بطرق دبلوماسية، وتتجنب تصعيد الموقف مع الصين، وتتجاوز ضغط اللوبي الصهيوني، الذي كان له على الأرجح يد خفية في إنجاح الاتفاق السعودي الإيراني للاستفادة منه في حشر أمريكا في الزاوية والضغط عليها بقوة لتبني وجهة النظر المتطرفة للكيان الصهيوني وتصعيد المواجهة مع إيران، وقد يكون هدف النظام السعودي أيضا من المصالحة مع إيران: إثارة الغضب والغيرة الأمريكية والدفع بها نحو التصعيد مع إيران.
وفي حقيقة الأمر تتزاحم الأفكار في رؤوس الكثير منا عن نتيجة الموقف السعودي، الذي يدفعنا إلى كثرة التحليل وطرح كافة الاحتمالات؛ كوننا نؤمن بأن النظام السعودي هو إحدى أدوات الصهيونية العالمية، ويستحيل الخروج عليها، أو أن يأتي منها خير للأمة العربية والإسلامية.

أترك تعليقاً

التعليقات