درس عظيم للمؤمنين
- عبدالفتاح حيدرة السبت , 8 مـارس , 2025 الساعة 3:10:06 AM
- 0 تعليقات
عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
أكد السيد القائد (عليه السلام)، في محاضرته الرمضانية السابعة للعام الهجري 1446هـ، أن قرار سيدنا إبراهيم (عليه السلام) في تبليغ رسالته كانت متدرجة لفهم الحقيقة باتجاه عملي في صورة البحث عن الحقيقة، متجهاً باستعراض تأملي متسلسل في درجة الكمال بدأ مع الكوكب ثم مع القمر ثم مع الشمس، وكل هذه الأمور من المخلوقات ولم يرتضِ بأحدها رباً، لأنها تختفي وتأفل، وكانت فئات الشرك كلها تختلف في أنواع آلهتها إلا أنهم استمعوا لسيدنا إبراهيم ولم يستفزهم، وكان يستخدم مسألة ظهور الضوء وغيابه لتوضيح ما هو أكبر من ذلك، وفي هذا الاستعراض التأملي أمام قومه كان يستخدم هداية الله، وسيدنا إبراهيم أكد الحقيقة التي نحتاجها كبشر، وهي هداية الله، وبدون هداية الله لا يمكن أن نتقدم في شيء، وسيضل الإنسان مهما كان إنتاجه الفكري والثقافي، لا يمكن له أن يستغني عن هداية الله، الإنسان لا يصيب الحقيقة عندما لا يرتبط بهدى الله، وعلمنا الله في كل صلاة طلب الهداية.
يؤكد نبي الله إبراهيم (عليه السلام) أنه إذا لم يهده ربه ليكون من الضالين، وعندما استعرض الشمس استعرضها في حجم ضوئها وحجمها، وعندما أفلت أنكر على قومه عبادتهم وإشراكهم بالله، وأكد لهم أن الشمس مسيّرة من الله وتأفل وتختفي بأمره، وبعد عرضه لدرجات التسلسل في درجات الكمال خرج بالإعلان الصريح والكبير وقال لقومه: «إني بريء مما تشركون»، وهذا الاعلان هو عبارة «البراءة» وهي عبارة توضح موقفه الحازم، لأن الشرك أساس الباطل والضلال الكبير والخطير، واتخذ موقف التوحيد لله وهو موقف من الشرك نفسه، ونبينا إبراهيم كان موحداً في الأساس، ولذلك أعلن موقفه من الشرك نفسه وهو موقف البراءة، ولهذا نجد في حركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين أن موقفه كان حازماً مع قومه عندما حاولوا استمالته، والإنسان إذا اعتبر نفسه عبدا لغيره يحط من نفسه.
إن الأمور الواضحة في مسألة الاستعراض التأملي للكوكب والقمر والشمس لها أدوار صنعها الله لها لتقوم بمهمتها، ولو كانت تضر أو تنفع لاتخذت هي موقفاً منه، ولكنها مسيّرة من الله، وسيدنا إبراهيم بعد ذلك وجه وجهه لله ولعبادة الله الذي فطر السموات والأرض، وهذا تعبير عن اتجاه نبينا إبراهيم بالعبادة بمفهومها الكامل والشامل لله وحده، واختياره لهذا التعبير يعني أن الله سبحانه له الكمال المطلق وهو سبحانه الجدير بالعبودية وهو مالك ما في السموات والأرض، وكان ملك عصره قد منع الحديث عن الله مثله مثل فرعون، وكان قد ذكرت كلمة «حنيفا» لسيدنا إبراهيم عدة مرات في القرآن وهو تعبير عن الاتجاه لله وحده بثبات وصدق وإخلاص وخشوع وخضوع ومحبة لله، وهي عنوان مهم لمفهوم عظيم، وهي مسألة مهمة للاتجاه الإيماني، وسيدنا إبراهيم نموذج عظيم للخضوع لله والانقياد التام وهذا درس عظيم للمؤمنين.
المصدر عبدالفتاح حيدرة
زيارة جميع مقالات: عبدالفتاح حيدرة