سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
حتى 21 أيلول/ سبتمبر 2014، تأسست شرعية حكم نظام (7/7) على جناحين يمكن أن نطلق عليهما جناح الستين وجناح السبعين، وللجناحين ارتباطاتهما الإقليمية والدولية، فجناح الستين في مجمله يدين بالولاء ويحظى بالدعم والمساندة الرئيسية من المملكة، وهناك جنيح صغير فيه يدين بالولاء ويحظى بدعم قطر ومساندتها.
وفي المقابل هناك جناح السبعين الذي في مجمله يدين بالولاء ويحظى بالدعم والمساندة من دولة الإمارات ومرتبط معها بمصالح مشتركة.
وبعد أن فقد جناح السبعين السلطة على إثر «المبادرة الخليجية» أو بالأصح أزيح زعيمه من واجهة السلطة بفعل ثورة فبراير 2011، وسعت المملكة وشريكاتها، ومن خلال مبادرتها إلى إعادة تدوير النظام، وفي نفس الوقت سعى زعيم جناح السبعين إلى تصفية حسابه مع خصومه، فإنه ذهب إلى التحالف مع خصومه السابقين الأنصار، خصوم الطرفين، ظاناً أنه سيستخدمهم كأدوات لتصفية حسابه مع من انتزعوا السلطة من بين يديه، ومن ثم سيتخلص منهم، فلقد قادته لهذا التحالف نزعته الثأرية ورغبته في الانتقام. وفعلاً وعلى إثر ثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014 سقط جناح الستين في نظام الحكم، وفي المحصلة سقط جناح السبعين فيه.
وعلى وقع هذا التغيير الجيوسياسي ذهبت هذه الدول الإقليمية وبقيادة المملكة إلى التحضير للحرب العدوانية وشنتها بعد ستة أشهر من سقوط النظام.
ولقد شنت المملكة حربها العدوانية رافضة الخسارة والإقرار بفشل كل إجراءاتها وتحت عناوين كثيرة مضللة، ووجدت الإمارات نفسها أمام امتحان صعب، إذ إن جناحها في السلطة لم يعد له وجود وتأثيره بات معدوما، وإن كان حليفا ظاهرياً مع السلطة الجديدة، فوجدت في القضية الجنوبية ضالتها، وأخذت تلعب بهذه الورقة لكي تعيد تأسيس جناح في السلطة موال لها تحسباً لأي انتصار يحققه تحالف الحرب العدوانية ولم تقطع صلتها بجناحها السابق في صنعاء، ويبدو هذا التنسيق جلياً من خلال بعض مسارات الحرب ووقائعها، فلقد تم تسليم عدن في بداية الحرب إلى دويلة الإمارات عبر تفاهمات بينها وبين جناحها في صنعاء، فانسحبت كثير من القوات التي تدين بالولاء له كالحرس الجمهوري من أراض دون علم الأنصار، ونفس الأمر حصل في معركة الساحل ومعسكر خالد لاحقاً.
المهم في الأمر، ومنذ تسلمت الإمارات عدن والمناطق المجاورة، بدأت بالتفكير بخلق جناح لها في الجنوب، واتخذت من القضية الجنوبية نغمة تدغدغ بها عواطف الجنوبيين وتوهمهم بعودة دولة الجنوب السابقة، ولكن هدفها الأساسي هو إزاحة الإخوان من المشهد السياسي أو على أقل تقدير أن يكون لها جناح في السلطة غير مرتبط بالإخوان.
وجاءت أحداث 2-4 ديسمبر 2017، وما لحقها من هروب طارق وبعض المقاتلين الموالين له، وأخذت الإمارات تغير استراتيجية الأولويات، ويوماً عن يوم منذ ذاك ودعمها لطارق المتزايد وتفضيلها له بالمقارنة مع «المجلس الانتقالي» بدأت بإعادة تشكيل أو تدوير جناحها في السلطة بالاعتماد على أعوان «الزعيم» الراحل، وحتى تشكيل «المجلس الانتقالي» لم تخل القيادة فيه من عناصر عملت وتدين بالولاء لـ«الزعيم».
ولذا حالياً، فإن الإمارات تسعى للتخلص من كل عنصر سيرفض التعامل مع «مجلس القيادة» النخاسي بعد أن اطمأنت لوجود جناح يدين بالولاء لها ومن قيادات تطمئن لهم بحكم المصالح المشتركة التي تكونت منذ عقود. وستقبل الإمارات بإزاحة عيدروس لكي يلحق بنائبه هاني بن بريك... حتى لو اضطرت إلى حل كل قيادته إذا استلـــزم الأمر، وهـذا أمر ليس بعيدا، فهي قادرة على استمالة العديد منهم بذهبها وسيفها إذا دعت الضرورة.
الإمارات عينها على شرق الجنوب، ويبدو أنها ارتضت هذه القسمة بينها وبين المملكة بعد أن فقدت الاثنتان شمال اليمن، فالجنوب بشرقه وموانئه وجزره تحت سيطرتها، في حين أن الجنوب بغربه ومناطق ثرواته النفطية والغازية تحت سيطرة المملكة.
وهذا لا يعني إقرارا بالوضعية على الصورة المذكورة سابقاً، وإنما قراءة في خطط واستراتيجيات العدوان، فالمعركة لم تنته فصولها ولا أظن أنها ستبقى على هذا الحال، فهناك رياح وعواصف ستحرك الرمال من تحت أقدام دول العدوان في الأيام القادمة. فالخطط المبنية على المؤامرات والتضليلات لا يحالفها النجاح، وأكثر ما تستطيع فعله هو تأخير ميلاد الوضع الجديد الذي يلبي آمال وطموحات الناس ويعكس مصالحهم.
فالأيام القادمة حبلى بمفاجآت، ولن يكون على الأرض إلاّ من يعكس آمال وطموحات شعب هذه الأرض ويلبي مصالحهم...!

أترك تعليقاً

التعليقات