إمبراطورية الأشلاء والجماجم!
- سامي عطا الجمعة , 8 أبـريـل , 2022 الساعة 11:56:52 PM
- 0 تعليقات
د. سامي عطا / لا ميديا -
إمبراطورية الأكاذيب (أمريكا) لا تستطيع أن تكون مهيمنة إلاّ من خلال وجود عدو، وإن لم يوجد مثل هذا العدو فإنها تختلقه.
وخلال الحرب الباردة كان الاتحاد السوفييتي هو العدو. وعند انهياره وسقوط منظومة الدول الاشتراكية ذهب المفكرون الاستراتيجيون الأمريكيون إلى البحث عن عدو، وهذا ما بشر به المفكر الأمريكي الصهيوني صاموئيل هينتنجتون في كتابه “صراع الحضارات”، حيث وضع الإسلام عدواً قادماً، وبموجب ذلك تم توظيف “الإرهاب” وجماعاته.
وعندما استنفدوا كذبتهم، بسبب عوامل عديدة، وصعود الصين اقتصادياً وبروز نسخة من الإسلام المقاوم، الذي أخذ يصحح صورة الإسلام، ذهبوا للتخلص من جماعات “الإرهاب” وفكرها أو أزاحوها من جدول أعمالهم كعدو، واتجهوا إلى تصويب سهامهم تجاه الصين باعتبارها العدو الرئيسي ومن خلفها روسيا. وبموجب ذلك جاء انسحابهم من أفغانستان من أجل التفرغ للعدو الجديد. كما غيروا استراتيجيتهم العسكرية القديمة، حيث باتوا يشعلون الحروب، ويدفعون الدول صوب الحرب، ويستغلون ذلك في فرض عقوبات وحصار اقتصادي من أجل إنهاك الاقتصادات الصاعدة وبهدف وقف نموها.
ووضع الصين كعدو أول ليس وليد اليوم، بل منذُ أكثر من عقد ونصف أو عقدين. بيد أن أمريكا حاولت التصدي لها عبر عدة وسائل، بدأتها بمشروع “الفوضى الخلاقة”، الذي أطلقته وزيرة خارجية أمريكا في نهاية الفترة الثانية للرئيس الأمريكي جورج بوش الابن. وهذه “الفوضى الخلاقة” اتخذت من “الربيع العربي” اسماً لها. ولهذه “الفوضى الخلاقة” أهداف عديدة، لعل أبرزها القضاء على المقاومة وتنامي قدراتها التي أكدها انتصارها في حرب تموز/ يوليو 2006 على الكيان الصهيوني، وجر دول وشعوب المنطقة إلى التطبيع معه وإحلال إيران كعدو بديل ومن خلفها محور المقاومة والممانعة.
والهدف الثاني: إشغال المنطقة بحروب عديدة، بدءاً بسورية وليبيا واليمن، وجعل أنظمة البترودولار الممول الرئيسي لها، بحيث تذهب موارد المنطقة إلى التسليح وتغطية تكاليف هذه الحروب. وهذه الاستراتيجية من غاياتها وقف نمو الصين الاقتصادي أو الحد منه، بعد أن صارت المنطقة في العقود الأخيرة سوقاً للبضائع الصينية.
كل ما سلف ذكره غايته أن تحافظ إمبراطورية الأكاذيب على هيمنتها الأحادية، وذلك عبر إضعاف منافسيها، ولو على حساب تأزيم الوضع الاقتصادي العالمي، وانتشار الحروب والمجاعات والفقر...
وفي المحصلة النهائية فإن أمريكا هي إمبراطورية تحافظ على هيمنتها بأشلاء وجماجم الناس.
المصدر سامي عطا
زيارة جميع مقالات: سامي عطا