النفوذ الخبيث والنفوذ الحميد!!
 

سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
يتحدث ويلوك العديد من نخبنا السياسية عن النفوذ الإيراني في المنطقة باعتباره نفوذا ممقوتا، مكروها، شيطانيا، مخربا... ويقدحون ويردحون فيه بكل العبارات القبيحة. وفي الحقيقة النفوذ الإيراني في المنطقة تأسس على قاعدة خذلان العرب لقضيتهم المركزية، لا بل وتآمرهم عليها، ومتاجرتهم بها وبحقوق الشعب الفلسطيني. تأسس النفوذ الإيراني عندما خان العرب أنفسهم وهرعوا بعد شهواتهم وملذاتهم وتسطحت عقولهم وباتت مشغولة بأجمل ناقة وأوسم كبش ومسابقات ملكة جمال النعاج وزواج الناقة بهلولة على الجمل قطام، وشغلوا أنفسهم بأطول برج وأكبر صحن كبسة، وبأخبار أليسا والمقالب السخيفة لرامز جلال، وإهدارهم لثرواتهم على رشوة وشراء مواقف الفضاء السياسي والفكري بمالهم السفيه...
النفوذ ليس كلمة مستقبحة. نفوذ الدول السياسي ركن أساسي في سياساتها؛ لكن قد يكون النفوذ ذا طبيعة ناعمة أو خشنة، بحسب التحديات والمشاريع المتصارعة. وما تعمله إيران أنها تواجه مشروعا يجمع بين الخشونة والنعومة بالوسائل الخشنة، فـ”إسرائيل” تمتلك مشروعاً خشناً في بسط نفوذها وبقائها، تساعدها في ذلك أنظمة البترودولار بالنفوذ الناعم، أو على الأصح المائع، التي تعطل بأموالها إرادات الأمة.
ذلك في حين تتعرض إيران بسبب مشروعها البناء الذي يصب في مصلحة الأمة إلى حصار وتضييق اقتصادي وهجمة شرسة من قبل خصومها، وتخوض معركة صعبة وتتحمل الدولة والشعب الإيرانيان بسببه، الويلات وصنوف القهر والحرمان وضنك العيش؛ إلاّ أنها تقابل تلك التحديات بمزيد من الإصرار والمسؤولية؛ لأنها تعتبر ذلك طريق الخلاص وطريق رفعة الأمة ومستقبلها. أما خصومها فلا يمتلكون مشروعا سوى بقائهم تحت طائلة الإذلال والإذعان والتبعية، ويعيشون يومهم على قاعدة “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”!
ولا يعلم البعض أن ثقافة إيران السياسية تستمدها من الثقافة الإسلامية، ثقافة أخلاق الواجب، حيث المسؤولية ركن أساسي في هذه الثقافة، والتي أرساها الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، وهي ثقافة درج عليه الفكر الشيعي عموماً. أما خصومهم السنة فينهجون ثقافة سياسية يعتبر التواكل والاتكال وانعدام المسؤولية ركنا أساسيا فيها، وفي المركز منها الطاعة والخضوع والإذعان وقاعدته الأساسية “طاعة ولي الأمر” حتى في ظل خطاياه أو مهما بلغت هذه الخطايا مرحلة الكفر.
وبالمختصر: إن الأمة الإسلامية أمام مفترق طرق؛ أن تكون أو لا تكون. وإيران تريد لهذه الأمة أن تكون أمة بين الأمم ورقما صعبا فيها. إنها تستعيد مجد الأمة في عالم يسير باتجاه نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.
خط إيران السياسي هو خط استنهاض الإرادات، بينما خصومها يختطون طريق كبح الإرادات وترويضها على الطاعة والإذعان والإذلال. هذا هو مختصر الحكاية.

أترك تعليقاً

التعليقات