سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
ظل الغرب يلوح بعصا الديمقراطية ضد الحكومات التي لا مصالح له فيها أو تنتهج حكوماتها سياسات اقتصادية تركز فيها على مصالح شعوبها وترفض الانصياع للمصالح الغربية، ولا بأس أن تخطط مخابراته لإحداث تغيير في أنظمة تلك الدول بواسطة الانقلابات العسكرية وتسلم السلطة من قبل نخبة سياسية دكتاتورية، ولا ضير في طغيانها طالما كانت هذه النخبة تفتح البلد على مصاريعه للمصالح الغربية، ولا يذهب إلى تهديد الانقلابيين، ويبلع لسانه طالما سيمهد الانقلاب طريقاً للمصالح الغربية، كما حدث ذلك في أكثر من دولة وفي أزمان مختلفة، ولعل انقلاب الجنرال بينوشيه على الرئيس التشيلي المنتخب سيلفادور أليندي عام 1973 خير مثال.
وتتذرع قوى الهيمنة والنهب الغربي بالديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان ضد الأنظمة التي لا تسير على هواها، بينما تصمت عن حقوق الإنسان وانعدام الديمقراطية في أنظمة الاستبداد والطغيان التي ترتبط معها بمصالح اقتصادية ضخمة. ولعل موقفها من أنظمة البترودولار التي تدور في فلكها خير مثال.
فمثلا، ما حدث في 21 أيلول/ سبتمبر 2014 في اليمن «انقلاب» مذموم وينبغي شن حرب دولية ضده، في حين أن انقلاب 30 حزيران/ يونيو 2013 في مصر انقلاب حميد ينبغي السكوت عليه، واليوم انقلاب النيجر ينبغي التدخل العسكري الخارجي لإجهاضه وإعادة الرئيس المنتخب... لماذا؟! لأن النخبة الانقلابية لم تأتِ على مزاج ولا بموافقة دول الهيمنة والنهب الغربي.
ولقد أضحت الديمقراطية وحقوق الإنسان حصان النهب الاستعماري لقوى الهيمنة الغربية لمقدرات البلدان والشعوب الممانعة والرافضة، في حين تصمت على غياب الديمقراطية وعلى انتهاكات حقوق الإنسان في ظل الأنظمة التي تذعن وتقبل بهذا النهب الاستعماري.
وبات في قاموس الغرب معياران لمفاهيم السياسة، فهناك انقلاب خبيث وانقلاب حميد، وكل تغيير ولو كان بإرادة شعبية على مصالح الغرب يتم وصمه بالانقلاب، وكل انقلاب يلبي مصالحه يطلق عليه ثورة، وكل انتهاك لحقوق الإنسان يحمي مصالحه يبلع لسانه عنه، وكل نظام يحمي مصالح شعبه ويرفض الهيمنة الغربية يغدو متهماً بانتهاك حقوق الإنسان ونظاماً قمعياً استبدادياً.
سقط الغرب أخلاقياً بازدواجية معاييره، ويواصل السقوط!!

أترك تعليقاً

التعليقات