زوال الكيان ونهاية هيمنة الغرب..!
 

سامي عطا

د. سامي عطا / لا ميديا -
"طوفان الأقصى" لم يسقط التطبيع وحسب، بل إن تداعيات العملية عرت وكشفت كذب القيم الأمريكية والغربية كالديمقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر ومبادئ حقوق الإنسان التي ظلت سيفا مسلطا على كل دولة تقف ضد هيمنة أمريكا والغرب، ولم تسلم من ذلك الابتزاز حتى الدول التي تسير في فلكها باسم تلك القيم، ترفعها سوطاً غربيا كلما أراد الغرب تحقيق مصالحه.
كما أن مواقف الغرب من "طوفان الأقصى" كشفت عن وجهه القبيح وتبخرت قيمه أمام صلف وعنجهية الكيان الصهيوني...
وجرائمه الوحشية. فلقد عرت العملية الغرب الذي ظل يتفاخر بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، حيث لم يكتفِ الغرب بالتزييف الإعلامي والتستر على جرائم الكيان، بل تجند إعلامه مع الكيان الصهيوني الغاصب، وتحول مراسلو قنواته إلى مراسلين حربيين يرددون رواياته وأكاذيبه، وصارت منصات وسائل التواصل الاجتماعي تفرض مزيداً من القيود على نشطاء الرأي الآخر، وقيدت نقل الحقائق والأخبار التي تكشف جرائم الكيان الصهيوني، كما أخذت تفرض قيودا على نشر أخبار الاحتجاجات والمظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني، وأعتقد أن قيود النشر دفعت إلى تعاظم حجم احتجاجات الشعوب في مختلف المدن، وباتت حركة الاحتجاجات في العالم تتعاظم وتكبر يوماً عن يوم.
في الثلاثة العقود الماضية قدمت أمريكا قيمها الليبرالية باعتبارها نهاية التاريخ وينبغي فرضها على العالم، واستخدمت شتى الوسائل، أحياناً تلجأ إلى الوسائل الناعمة وكثيراً ما تلجأ إلى الوسائل الخشنة من أجل تحقيقها، ومع الوقت أخذ السلوك السياسي الأمريكي يتعرى بسبب ازدواجية معاييره ضد منتهكي تلك القيم، لا بل ظهرت أمريكا، بصورة سافرة ووقحة، المنتهك الأول لها، وبسبب سلوك أمريكا العدواني سماها المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي «الدولة المارقة».
ومن خلال المقارنة بين موقف أمريكا والغرب من الحرب الروسية الأوكرانية وجرائم الكيان الصهيوني ضد سكان غزة بلغت ذروة تعريها.
واتضح أن القيم الليبرالية أكبر كذبة تضاف إلى رصيد أمريكا واستحقت عن جدارة لقب «إمبراطورية الأكاذيب»، وما نشهده من حركات مظاهرات واحتجاجات داخل عواصم الدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني يعكس حالة صدام شعوبها مع حكوماتهم التي باتت تتعامل مع القيم بازدواجية معايير.
وفي حقيقة الأمر إن ما يحدث هو أحد تجليات نهاية الهيمنة الغربية أو نهاية تاريخ الهيمنة الأحادية، ولهذا لم يعد أمام الغرب إلاّ أن يقبل بنهاية هيمنته وتصحيح مساره ويطلق رصاصة الرحمة على ليبراليته البراجماتية ويقبل أن يتعايش مع عالم جديد خال من الهيمنة الأحادية، عالم بلا هيمنة أو عالم لا تهيمن عليه القيم الإنسانية لذاتها، بل القيم الإنسانية في ذاتها (*).

(*) الفرق بين القيم الإنسانية لذاتها والقيم الإنسانية في ذاتها حسب التعبير الهيجيلي هو فرق بين قيم تحددها المصلحة وقيم مجردة لا تخضع للمصلحة قيم إنسانية عليا تستلزم التعامل معها بصورة مجردة.

أترك تعليقاً

التعليقات