فلسفة الوعي في المسيرة القرآنية
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
الوعي ليس وجبة جافة باردة تؤكل مرة واحدة، بل وليمة مفتوحة في كل وقت وحين، وتجربة الوعي الذي أقترحه لكم يوميا على اعتبار أن الوعي هذه الأيام هو ذلك الحجر الذي يحرك مياه مستنقعات الجهل والتضليل الراكدة، والوعي اليوم هو الإدراك جداً أن الهُدن ووضع اللاسلم واللاحرب جعلت اليمن تعاني من وضع سياسي غاية في التعقيد والاحتقان، على كافة المستويات، وبين كل الأطراف، الشعب بمجتمعه وأحزابه ونقاباته العمالية والمهنية، والنظام الحاكم بكل مؤسسات الدولة وسلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأقل تحرك مبني على الجهل أو التضليل قد يؤدي إلى تغير مشهد الصمود والثبات والتحدي والانتصار بأكمله، وبما لا تحمد عقباه.
الوعي اليوم وفي هذه الحالة، هو أنه ليس أمام الواعين إلا العمل على تقليل حجم الخسائر المحتملة من انفجارات أطماع الجهل ومصالح التضليل، وذلك بمحاولة استيعاب فلسفة الوعي التي تنتهجها المسيرة القرآنية، وهي الفلسفة العليا بوعيها والتي تؤكد أن النصر ليس حليف الأقوياء إلا مرحليا، وفي حالة واحدة وهي تفريط المستضعفين بأوامر ونواهي الله وعدم اتباع تعليمات وتوجيهات كتاب الله. ويؤكد وعي هذه الفلسفة الربانية أن النصر معقود لأصحاب الحق، وشريطة انتصار أصحاب الحق هي أن يدافعوا عنه، بكل الأساليب والأدوات، ولهذا لا تزال تجربة الوعي هذه برغم بساطتها المتناهية، كاشفة للغاية، وبإمكان أي إنسان القيام بها، لأنها تجربة غير خطرة، وغير مكلفة، وغير مجهدة، وتفتح الباب أمام العقل لصنع تراكم (إيماني وأخلاقي ووطني وفكري وسياسي واقتصادي وعسكري وأمني وإعلامي). يمكن أن يتم استثمار كل هذا التراكم وتنميته وتعميقه وتطويره لمواجهة كل أساليب التجهيل وكافة أنواع التضليل التي تنتهك حق الحياة والكرامة والشرف والحرية والاستقلال.
لكن بكل أسف ما إن يتم طرح موضوع فيه فقط كلمة «الوعي» تتقافز أرانب النكتة ومنشورات الفتنة وتتنافس النخبة السياسية والإعلامية اليمنية لدعوة الجماهير إلى التكاسل والتجاهل والتخاذل مع قضايا الوعي الرئيسية، وتدفع بنشاط وجهد الجماهير للانشغال والتفاعل مع القضايا الثانوية التي تزيدهم تضليلا وتجهيلا، واستمرار النخب السياسية والإعلامية اليمنية بهذه السياسة، يعني أنه بقدر ما يكون الواعي صادقا وصريحا، سوف يستمر تجاهل الجماهير له، حتى يتم تكذيب الآخرين لكل ما قاله أو سيقوله لهم، والنهاية هي ظهور الغرور الشيطاني ليخاطب النفس البشرية موسوسا لها بالتفريط. وهنا إن كنت واعيا يا صديقي حقا وبصدق وبصراحة، سوف تبحث عن الوعي وتستخرجه من كل شيء حولك، ابحث عنه في قلوب الأحباب واستخرجه من عيون الأعداء.

أترك تعليقاً

التعليقات