مهما كان الأذى!
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
دائما وفي النهاية كل شيء يجلب لك الحزن سوف يجعل فيك شيئا مقدسا في ما بعد، أو حتى حكيما، أو فيلسوفا، بالتأكيد هذا ليس حبا في الحزن، بل هي حقيقة لتدرك ذاتك وتظهر هويتك ومعدنك الحقيقي، لأن الكثير من الذين عاشوا ويعيشون دائما بسعادة لا يستطيعون أن يتعرفوا على أنفسهم، وحتى لا تصاب بالخيبة من نفسك ومن كل الذين حولك، لا ترسم في مخيلتك أنك أنت الصح والباقي على خطأ، أو أن أحدهم لا يستطيع الاستغناء عنك، أدرك أنك تغيرت كثيرا، كن أكثر حرصا في اختيار الأشخاص الذين تتعامل معهم بشكل يومي، فكر كثيرا قبل اتخاذ أي قرار، لديك منهج واضح اتبعه، ولا تراهن على الأشخاص، لا تندفع في حب أحد، لا تتسرع في الحكم على الناس، وقبل أن تركض وراء أحلام الدنيا، فكر في خسارات الآخرة، تأكد من الاحتمالات الممكنة للفشل والنجاح، وإذا عزمت على شيء توكل على الله أولا وأخيرا، فإن نجحت فهو أمر دبره الله لك لتنجح، وإن فشلت فعليك أن تراجع حساباتك مع الله، حسابات نيتك وعملك ومدى ارتباطهم بالله أو ابتعادهم عن الله.
إن المجتمع الكبير أو الصغير لا يرغب بظهور هويتك أو شخصيتك الواعية أو الحقيقية التي قد تكشف زيفه أو ضعفه أو نفاقه أو فشله، فمن واقع تجربة مع مواقع التواصل الاجتماعي وجدت أن الفضاء الأزرق في هذا الواقع الافتراضي هو مربع وقوفي على مصطبة الفرجة الساخرة من تقلبات مزاج نفسي أولا، ومع ذلك، لم أفتر قط عن معاينة مصائب ومكائد ودسائس وملعنة البعض في هذا الفضاء الافتراضي، فمنذ أن بدأت أخطو للكتابة على أول درجات الوعى، امتلكت حدسا مسبقا على خيبة كل آمالي وأحلامي، ومع هذا قررت أن أكابد وأتجرع المتعة الخاصة بالكتابة التي تدعو كل أصدقاء هذا الواقع الوهمي والافتراضي لمزج الوعي بالصبر، مزج الألم بالأمل، مزج المر بالحلو، مزج الانتصار بالقهر، مزج الصحة بالعافية، إلا أني كنت أكتشف نهاية كل يوم أنني استراتيجي سوداوي، وواع جاهل، يخطط لمعركة الوعي عند الآخرين، ويخسر كل معاركة في سطور بعض منشوراته التي يكتب فيها عن تفاصيل انسحابه المهزوم عشية كل معركة جديدة من معارك نشر الوعي أو محاولاته اكتساب فهم وتفهم الذين حوله.
إذا أردت أن تشعر بما يشعر به الناس كن واعيا وفتش في نفسك وستجد شيئا ما يدلك لقول الحق وفعل الخير والصواب والصح، مهما كان الأذى الذي سيلحق بك، فالحقيقة هي أن من لم يتألم ولم يحزن ولم يقهر لن يتغير للأفضل إحساسه بالناس، ومع سنوات هذه الحرب والعدوان والحصار على يمننا وشعبنا العزيز قد تألمنا كثيرا وحزنا كثيرا وتم قهرنا كثيرا حتى وصلنا لما ندعيه أحيانا لهذا النضج والوعي، وشخصيا يبدو أن القدر بنفسه يسعى دائما إلى إيقاعي في حب ذلك الشيء الذي هيأه الله بنفسه لي، وهي الكتابة، ومع توالي الأيام أتأكد أنه لم يكن ولن يكون في متناولي أي شيء ليس مقدرا لي من رب العالمين.
نصيحتي للجميع ومن واقع تجربة، إذا كنت مراوغا مدعيا الوعي سوف تدرك وتقنع نفسك أنه لا يوجد أمامك غير الصبر وإخفاء نفسك أو شخصيتك أو هويتك خلف مئات الأقنعة، قناع المُجاملات، قناع التقاليد، قناع الطاعة، قناع النفاق، قناع التبعية المجتمعية والسياسية.. إلخ، أما إذا قررت أن تكون واعيا بهدى الله فعليك أن تكون واعيا فعلا، فمن لديه هذا الوعي فإن لديه وعيا فعليا وحقيقيا وسوف ينال الهيبة والعزة يوما ما، أما من يدعي الوعي ويختفي خلف الأقنعة فإنه مع الوقت، عاجلا أو آجلا، سيظهر أمام كل الناس أنه جاهل وغبي وساذج ولا يستحق أي احترام أو تقدير من أي أحد.

أترك تعليقاً

التعليقات