عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
قبل أن ترحل جيوش الاستعمار، وعلى رأسها الجيش البريطاني والجيش الأمريكي، اللذين احتلا نصف الأرض العربية والإسلامية في بداية ونهاية القرن الماضي، تركت وراءها خطوطاً سياسية تم تصميمها -صهيونيا- لصناعة المشكلات وليس لحلها، لتستمر حالة الضعف والعوز والوهن والتبعية والارتهان، حتى وصل الأمر بالأنظمة والأحزاب والحركات العربية، الحاكمة والمعارضة، إلى عدم تمكنها من حل أي مشكلة من المشكلات الكبرى، التي تواجه هويتها الدينية والوطنية والقومية والإنسانية، إلا بعد تلقي الأوامر من دول الاستعمار تلك، وبالكثير الكثير استشارة أجهزة مخابرات دول الاستعمار، وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا. 
حتى جاء الحرب والعدوان والحصار الذي شنته دول تحالف الخماسية (أمريكا - السعودية - بريطانيا - الامارات ـ "إسرائيل") على وطننا وشعبنا اليمني، والذي أرادت به فرض توجيه خطوط العمل السياسي اليمني كلها وبشكل متوازٍ، لا تلتقي أبدا إلا في أجهزة استخبارات دول العدوان والحصار، إن لم يكن في غرف نومها. لكن مواجهة وتحدي وصمود وثبات الشعب اليمني تحت قيادة ونهج الأنصار والمسيرة القرآنية، في وجه مخطط دول العدوان، أنتج خطوط سياسية يمنية وعربية جديدة على رأسها الخط الثوري وخط القوة. هذان الخطان قطعا طريق تسلل دول العدوان للسيطرة على خطوط العمل السياسي اليمني، ولهذا السبب لم يعد أمام دول العدوان غير تشجيع الانتهازيين للخلط بين خط الثورة وخط القوة لخداع الجماهير.
ولتوضيح خطر تسلل العدو لخلط خط الثورة مع خط القوة، يجب أن ندرك أنه ومنذ وجد الإنسان على سطح الأرض، وموضوع الخطوط السياسية معه، انشغل بها قبل انشغاله بموضوع الأديان، لأنه منذ بدء الخليقة والمجتمع ينقسم إلى قسمين: قلة حاكمة، وأكثرية محكومة، بصرف النظر عن نوع الحكم وظروفه التاريخية، سواء كان الخط هذا عادلا، غاشما، قبليا، ملكيا، وراثيا، جمهوريا، ليبراليا، اشتراكيا، ذا حزب واحد أم متعدد الأحزاب... وكان ومازال الخلط بين الخطوط السياسة هو جوهر تكوين النظام الحاكم الضعيف والهزيل والفاسد والفاشل، وجوهر هذا الصراع هو أحد المداخل الكبرى لتعرف العدو على نقاط ضعف النظام السياسي، ليبدأ الصراع على من يحكم ويحق له ممارسة القوة، والصراع بين من يحوز على أكبر قدر من الثروة.
الاحتلال هو في الأصل عملية بحث عن موارد تزيد من سطوة وقوة المستعمر، من أيام البحث عن الصمغ والتوابل والأعشاب قديما، ثم الحديد والفحم والمعادن بعد ذلك، ثم البترول والغاز حديثا، ثم التوسع في استخدام فائض القوة، المتمثل في إنشاء قواعد عسكرية في مناطق معينة ومنافذ معينة لاستخدامها عند الحاجة لتأديب من يخرج عن التبعية والارتهان له. ورغم هذا يبقى الصراع الداخلي على السلطة في كل دولة على حدة، هو الذي يشغل بال المستعمر القديم والجديد، فمن يحق له أن يحكم؟ وكيف يذعن المحكومون لسلطته؟ وكيف يوجههم؟ ولماذا يستمعون له؟ وما هي أسرار توحيد موقفهم وتحركهم وتحشيدهم؟ هذا هو السؤال الذي يشغل بال المستعمر دائما، لذلك يلجأ المستعمر لتمويل الانتهازيين ليقوموا بخلط خط الثورة بخط الثروة، وخلط خط القوة بخط السلطة، بهذا الخلط يتعرف العدو على نقاط ضعف النظام والشعب الذي سيواجهه ويتحداه ويقف في وجهه إذا قرر الغزو.
اللهم إني بلغت! اللهم فاشهد.

أترك تعليقاً

التعليقات