توحيد الجبهة الداخلية
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -

إن إدراك كل يمني اليوم أن من أخطر ما يعمل على تفكك وهوان وذل وتراجع الشعوب واضمحلالها هو غياب الحلم، غياب القضية الكبرى والمشروع الجامع لأبناء الوطن، سواء كانت هذه القضية قضية مقاومة احتلال وغزو غاشم، أو حلم نهضة كبرى في الوعي الشعبي والمجتمعي، أو مشروع بناء مؤسسات الدولة، أو ما شابه ذلك من القضايا التي تجمع أفراد الوطن حول الوطن والقيادة والدولة. وأبرز نموذج لغياب هذا الحلم هو ما حدث أيام نظام صالح والإصلاح، ولنعترف بصدق انهما مازالا يعملان لليوم لتكون الإصابة في جسد الوطن والمواطن اليمني شبه مستمرة حتى الآن.
لقد أصابوا عقل الوطن اليمني بحالة من التراجع، وأصابوا أعصاب المواطن اليمني بحالة من التراخي، أنسوا اليمنيين القضية الكبرى الجامعة التي تشد عصب الشعب اليمني للنهوض. وللأسف إن استمرار تلك الإصابة لليوم سببه غياب الأدوات المنهجية التي تحمل الهوية اليمنية، هذا الغياب هو السبب الرئيسي في حالة الارتباك الفكري الذي يعاني منه أغلبية من يتصدون للكتابة السياسية التي تواجه العدوان والاحتلال، وتعمل على توحيد الجبهة الداخلية، وتدعو لتنفيذ مشروع بناء مؤسسات الدولة، فيَضلون ويُضلون، ويغضبون ممن ينصح بتصحيح أخطائهم الكارثية.
إن الجهد الذي يبذله اليوم الضالون والمضلون المحميون تحت جلباب السلطة لتكميم الأفواه اليمنية، لو استغله أصحاب السلطة التي تحكمنا في البناء الحقيقي وفتح المجال العام لتبني القضايا الكبرى، لتم تحقيق نقلة نوعية. ووقتها سوف تُغلق الأفواه المبررة للعدوان وتُخرس الألسن التي تفكك الجبهة الداخلية، وتُشل الأيادي التي تفشل مشروع بناء مؤسسات الدولة، و من تلقاء نفسها، بل إن معظم الأفواه والألسن والأيادي سوف تلحق وراء ما يحقق توحيد وتماسك آراء ومواقف المواطن اليمني الصامد والثابت بوجه العدوان، وأيضا سوف يحدث نوع من التلاقي ما بين مصلحة السلطة الحاكمة ومصلحة الوطن ومصلحة المواطن.
إذا اتفقنا نحن كمواطنين يمنيين مع سلطتنا المواجهة للعدوان، اليوم، على ضرورة تغيير الأساليب وتحديث الأدوات لتحقيق هذه النقلة النوعية في توحيد جبهتنا الداخلية، فدعونا نتفق أولاً على أن الطريق إلى الحرية عريض وواسع، ويتسع للجميع. دعونا نسير في خطوط متوازية معكم لمواجهة العدوان والغزو والاحتلال، نجد ونحث السير لتوحيد جبهتنا الداخلية، ونتسابق فيمن يصل أولاً إلى غرس وعي وقيم ومشروع الحرية والاستقلال والسيادة اليمنية.
جربونا عوضاً عن ممارسة سياسة صالح والإصلاح في إصدار الأحكام المسبقة علينا والتعبئة الخاطئة ضدنا، وجعل الجميع فرقاء ومختلفين ما بين قضية المشروع الوطني من جهة، وبين قضية الفتنة من جهة أخرى. نحن بسياسة صنع الفرقاء والفتنة بين الناس لا نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، بل قد نفرش الطريق بالجثث ليعود المستبدون والخونة والعملاء على دبابات الغزاة والمحتلين وتنفيذ مشاريعهم، وتحقيق مخططاتهم، ومصالحهم في وطننا جميعا.
إن توحيد وتماسك موقفنا ورأينا وطموحنا وحلمنا الوطني الجامع من أجل القضية الكبرى يمنحنا حق الانتصار على العدوان والغزو والاحتلال، ويجعلنا الصدق والشفافية أكبر وأعظم تكتل شعبي ومجتمعي عرفته البشرية، ويعطينا القوة والبصيرة لتتنوع المشاريع وتتنافس الأفكار الإيجابية، وسوف يتنافس الأحرار على مسارب الطريق لبناء مشروع مؤسسات دولة الحرية والاستقلال والسيادة اليمنية، وسوف تتدفق جموع الشعب اليمني لتسد الطريق أمام الغزاة والمرتزقة من جهة، ولتحرير الثروات والإمكانيات، لوضعها في مصلحة الشعب والوطن اليمني من جهة أخرى.

أترك تعليقاً

التعليقات