عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
إن المرحلة القادمة هي المرحلة النهائية لقطف ثمار المواجهة والمقاومة والصبر والصمود والتحدي لدول وجيوش وطواغيت العدوان والحصار والتطبيع. وهي مرحلة تحدياتها صعبة جدا. وفي أوقات التحديات التاريخية الصعبة، تكون المواقف المترددة خيانة، والوعي من غير نموذج ميداني ملموس ليس سوى جاهلية وعصبية مقرفة، والمدخلات الخاطئة لن تأتي بمخرجات صحيحة، والخطاب والتحليل السياسي الذي يبني معلوماته على مدخلات خاطئة ومخرجات غير صحيحة هو تحليل فاسد وخطاب يخدم العدو أولا وأخيرا.
الشعب اليمني، المواجه للعدوان والحصار والتطبيع، داخل على أبواب مرحلة نيل نعمة انتصار عظيمة وتاريخية، ولا يحتاج في هذه المرحلة غير تتبع ومتابعة توجيهات الوعي بهدى الله، التي لا يلتقطها العقل البشري إلا بعد أن تتم تهيئته تهيئة عملية لاستقبال موجهات الهداية، تلك الموجهات التي تعلم الإنسان كيفية التدبر والتفكر بكتاب الله، للالتزام بالأوامر والنواهي التي تحلل وتحرم، وتوجيهات القيم وتعليمات السلوك، ليتطهر الإنسان ويزكي نفسه ويتعلم الولاء الإيماني والحكمة والرشد والتقوى والإحسان.
المرحلة القادمة لا تسمح لأي شخص، كائناً من كان، يدعي الوعي بهدى الله، أن يقارن نفسه بالآخر في اكتساب المال والسلطة؛ لأن الآخر سيبقى ذلك النذل والجبان والخائن والمرتزق الذي يتنازل دوما حرصا على ماله أو حياته أو منصبة أو مصالحه الشخصية.
المرحلة القادمة هي مرحلة الارتباك. ودائما يرتبك الجميع في مشاهد النهاية؛ البعض يتهيب الموقف، والبعض يعد نفسه لانتهاب الغنيمة، والبعض يأمل من الغنيمة مجرد الإياب، والبعض يتحامق، والبعض يتكبر ويغتر ويكابر، وعندما تأتي النهاية بفعلها الحتمي القدري الذي أعده الله لسنن تغييره في الكون، قد تُنزع رؤوس، وتُداس أجساد، وتُحرق مشاريع، وتسقط رجال كان البعض يظن ألا نهاية لهم. هي مرحلة قدرية ستعصف بالجميع، لا تبقي ولا تذر، وستتعامل مع الكل بلا استثناء، الخصم والعدو والصديق، الشرير والمنافق والطيب، المذنب والمندس والبريء.
المرحلة القادمة لا يمنع الارتباك الذي فيها سوى أن يكون الفرد أو المجتمع أو الشعب أو الأمة ذات ولاء إيماني مترجم عمليا وعلميا، يرفض سياسات الذل والهوان وتطبيع التبعية والارتهان، ولاء إيماني واعٍ يجعل أصحابه هم أصحاب النهاية التي تمنح الفرد أو المجتمع أو الشعب أو الأمة كلها نهاية النصر والعزة والتمكين، وهذه ثلاثة أشياء لا أحد يمنحها غير الله سبحانه وتعالى فقط، ولا يستحقها إلا من لديه ذلك الوعي بهدى الله، الوعي الذي يؤكد لك في كل ثانية ألا يخرج من فمك حرام أو يدخل في بطنك حرام، وألا يكون في قلبك غل أو حقد على أحد، ولا ظلم لأحد، أن تنزع من داخلك الكبرياء والكراهية والأنانية والطمع الذي يجعلك تنتفخ بالغرور على الناس، أن تدرك أن كل مشاكلنا فينا، لا في قوة أعدائنا. هنا تأتي النهاية التي فيها نصر وعزة وتمكين لنا لا علينا.
استعدوا بالله؛ لأن الاستعداد لمرحلة الانتصار والعزة والتمكين يفرض عليك ألا تشارك في كل المعارك، فهناك معارك غير شريفة وغير نبيلة، وطرفاها على باطل، وألا تتعاطف مع كل القضايا المصنعة وتترك قضاياك الحقيقية، وأن تتذكر جيدا وفي كل ساعة وحين أن من باعوا اليمن لا يمكن أن يدافعوا عن كرامته واستقلاله، وأن اليوم الذي لا تدعم فيه المقاومة ولا ترجم العدو بحذائك هو بداية اصطفافك ضد الأمة والوطن، وأن تجعل نصب عينيك أنه مثلما يتمدد الكيان الصهيوني بطول وعرض الوطن العربي، فإن إيران تدافع عن الوجود الإسلامي ضد كل نقاط التهديد الصهيونية، وأن تؤكد لنفسك ولغيرك يوميا أنه إذا كانت الصهيونية العالمية تستخدم حقها لتدفع بالإمارات والسعودية لخيانة الأمة، فإن من حق محور المقاومة مواجهة تحالفات الصهيونية وأذنابها وأحذيتها، والدفاع عن حق تحرر واستقلال كافة دول وشعوب الأمة العربية والإسلامية.

أترك تعليقاً

التعليقات