عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -

هناك عملية تغيير ديموغرافي خطيرة جدا تحدث في المنطقة من الحويطات شمالا حتى المخا وباب المندب جنوبا، مرورا بالمخلاف السليماني في الوسط. وقد تابعنا جميعا ما يحدث في منطقة الحويطات بالسعودية، التي هي منطقة بناء مشروع "نيوم" التابع لمحمد بن سلمان، وما نتج عن تلك الأحداث في تلك المنطقة من خروج فيديو مصور لمواطن سعودي اسمه "عبدالرحيم الحويطي"، وهو أحد أبناء المنطقة، تحدث فيه عن مشروع التهجير القسري لأبناء المنطقة، وما إن انتهى من بث الفيديو باشر رجال المباحث السعوديين قتله في منزله. 
أخطر وأهم ما تحدث به الحويطي في الفيديو هو وصفه لمعاناة سكان منطقة الحويطات بمعاناة الشعب الفلسطيني من القمع "الإسرائيلي"، كاشفا السر الأخطر لمشروع "نيوم" وهو توطين اليهود والنصارى في منطقة الحويطات وطرد أبناء المنطقة وتهجيرهم قسراً، وتسليم أراضيهم لبناء ما سماه "إسرائيل صغرى"، ومن يرفض، يتم حبسه أو قتله كما حدث مع عبدالرحيم.
فضيحة الحويطات وظهورها بهذه البشاعة، لا تمثل سوى الصورة المخفية الأبشع والأحقر لما تعرض له أبناء نجد والحجاز، وتحديدا أبناء المخلاف السليماني (نجران وجيزان وعسير) من النظام السعودي مع بداية وأثناء عدوانه على اليمن ولليوم والليلة، إذ يسعى العدو السعودي ومنذ اليوم الأول لإيجاد منطقة عازلة بينه وبين اليمن بمسافة 30 كيلومتراً، وكل ما يطالب به علنا هو وجود هذه المنطقة، لذا قام وبالقوة والقتل بتهجير أبناء المناطق الحدودية، وجعل من المنطقة كلها أرضاً محروقة لقصف طيرانه بحجة الحرب.
الأخطر من هذا كله يحدث في اليمن كمقابل رئيسي لما يحدث اليوم وبصورة أكبر لمشروع ابن سليمان في "نيوم" وفي المخلاف السليماني، وهو مشروع عفافيش الساحل الغربي وقوات العمالقة، توسع وانتشار متوافق وخاصة مع انتشار وباء كورونا، بناء "إسرائيل صغرى"، في هذه المناطق بعد أن يتم تغيير ديموغرافي، تغيير بشري مختلف باللغة والدين واللون وعلى طول سواحل البحر الأحمر لحماية "إسرائيل الكبرى". 
ففي الحويطات هناك تهجير قسري واستبدال مباشر باليهود الغربيين، بحجة شركات مشروع "نيوم". وفي المخلاف السليماني تهجير قسري واستبدال مباشر بالأفارقة النصارى ويهود الفلاشا من الإثيوبيين وغيرهم، بحجة وباء كورونا. وفي الساحل الغربي تهجير قسري واستبدال مباشر بقوات شركات الارتزاق الصهيونية العالمية الشرقية والغربية والعربية بحجة حماية طرق الملاحة الدولية.
عندما يتعرض شعب الجزيرة العربية، كله أو بعضه، للإبادة أو الطرد من أرضه، وعندما يتعرض أهل نجد والحجاز والساحل التهامي، كلهم أو بعضهم، للغزو الاستيطاني أو الاقتطاع، أي عندما تقوم محاولة لفصل الناس (الشعب) عن الأرض (الوطن) لا نكون بصدد خطر يتهدد بعض أبناء الشعب العربي يمكن تعويضهم عنه أرضا بأرض، ولا بصدد خطر يتهدد جزءا من الوطن العربي يمكن الاستغناء عنه أو المساومة عليه، بل نكون بصدد خطر يتهدد الوجود الجغرافي والتاريخي والديني والقومي.
استرداد كافة الأرض المغتصبة هو أول ضوابط الهوية الإيمانية ليكمل شعوب المنطقة ما انتقص من وجود الأمة العربية، وهو حل لمشكلة وجود المجتمع ذي الهوية الإيمانية، وليس حلا لمشكلة تطوره، فمعركة الوجود تسبق معركة التطور؛ إذ عندما يكون ثمة مجتمع قد قام فيه ما يمس وجوده وتغيير هويته، فإن مشكلة الناس فيه لا تكون تطويره بل استرداده واسترداد أنفسهم حتى يستطيعوا بعد هذا تطوير هويتهم. 
إن عدم اتخاذ موقف سياسي وعسكري ميداني صارم تجاه هذه الأحداث الثلاثة تحديدا وربطها باغتصاب فلسطين ودعوات استقلال جزيرة سيناء المصرية، ورفض كافة أشكال التلاعب السياسي في مفاوضات وغيرها تدعو بشكل مباشر أو مبطن لاستقلال هذه المناطق، يؤكد أن هناك موافقة مسبقة على تلك الأحداث، يقف بعض الأصدقاء السيئين خلفها، ففي العمل السياسي والعمل الثوري لا بد أن تواجه المواقف القذرة، وأي محاولة للتطهر أو الهروب منها قد يؤدي إلى بعض الخسائر والهزائم التكتيكية، وهي بالأساس هزائم وخسائر رئيسية.

أترك تعليقاً

التعليقات