«طوفان الأقصى» تعري الوعي المزيف
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -
الأحداث في قطاع غزة كفيلة بكشف كل الحقائق وتمييز الخبيث من الطيب، فاذا كان العدوان والحصار على اليمن كشف كل المنافقين والمتصهينين والمطبعين طوال تسعة أعوام، فإن حرب غزة أظهرتهم للسطح عُراة، والحقيقة اليوم أنه ومنذ خمسين عاما، ولأول مرة، يبرز الإيمان كله للكفر كله. فبعد معركة «طوفان الأقصى»، أن تكون عربياً ومسلماً تابعاً ومرتهناً وموالياً ومستمعاً لسياسة من نوعية سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن، فهذا يعني أن تكون من دون شك بلا أخلاق وبلا شرف وبلا عقل وبلا ضمير؛ لأنه لا يمكن أن تكون مع فلسطين ومع الصهاينة في الوقت نفسه، وأي إيحاء بالحياد والوساطة بينهما مهما كان نوعه، ما هو إلا أكاذيب عاهر يقوم بدور القواد في أشرف وأطهر معركة في هذا العصر.
إن ما يحدث في غزة الآن حدث أضعاف أضعافه في اليمن. مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال قضوا واستشهدوا وجرحوا وتشردوا، خاصة أن القوى التي كانت تضرب اليمن كانت عالمية وبتحالف إقليمي ودولي، وليست مجرد جيش واحد مدعوم من الخارج، بل هو تحالف عربي ودولي تقوده السعودية بكل ترسانتها المالية والنفطية، وتديره أمريكا بكل ترسانتها العسكرية واللوجستية. الفارق الوحيد بين هذه الحرب التي في غزة وسابقتها في اليمن هو تطور استخدام وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت الأمور علنية ومكشوفة، وتعاملنا باعتبارنا كائنات من الدرجة العاشرة لا قيمة لنا، عسى أن يكشف ما يحدث الغمامة عن عيوننا، سواء فيما يتعلق بنظرة العالم لنا، أو دور الأنظمة العربية غير القادرة سوى على سحق أمتنا ومنعها من الكلام أو الحركة.
رغم قسوة ما يحدث في فلسطين الآن، وفي غزة خصوصا، إلا أنه فرصة كي يعيد من تم تزييف وعيهم قراءة التاريخ على ضوء الحاضر، وليعلموا أن الفلسطينيين لم يقوموا ببيع أرضهم، بل تم تهجيرهم بالقتل والإبادة، وما يحدث الآن حدث كثيرا من قبل، الفارق الوحيد أن ثورة الاتصالات جعلته مرئياً بشكل مباشر.
إن تصنيف الدول والمنظمات وحركات المقاومة باعتبارها «إرهابية»، مجرد أداة في يد القوى الغربية لا أكثر، تُلوّح بها أمام الدول والأنظمة كي لا تخرج عن المسار المرسوم لتحقيق مصالح الغرب وأمريكا. حماس ليست منظمة «إرهابية»، بل هي تيار مقاومة نشأ في ظروف استيطان غاشم واحتلال صهيوني قذر، ووصلت إلى السلطة بناء على اختيار الشعب في غزة لها، وتم رفضها من قبل الكيان الصهيوني وحلفائه؛ لأنها لم تقبل بالوجود الصهيوني على الأرض الفلسطينية، ورفضت الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير مع كيان الاحتلال، وقد أثبتت الأيام أن هذه الاتفاقيات لا قيمة لها، مع عدو لا يعترف سوى بالقوة وفرض الأمر الواقع على الأرض.
البعض ربما يختلف مع أيديولوجية حماس الإسلامية؛ لكن في النهاية لا يمكن إنكار أنها تدافع عن قضية حقيقية. الاختلاف حول الأيديولوجيا مقبول نوعا ما؛ لكن الاختلاف مع حماس حول المبدأ في كونها حركة مقاومة ومن ضمن محور المقاومة، فهذا غير مقبول، ومن الواجب في وقت معركة التحرير هذه أن يكون الجميع في ظهر المقاومة ومحور المقاومة، أيا كانت أيديولوجيتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم.

أترك تعليقاً

التعليقات