الأب الشرعي لعيال الحرام!
 

عبدالفتاح حيدرة

عبدالفتاح حيدرة / لا ميديا -

قبل أي محاولة للارتقاء بالوعي، لا بد من تحديد مواقع الخلل في أساليب التفكير واستخدام العقل الشخصي والاجتماعي والعام، فالفساد ثابت، والفاسدون يتغيرون فوق الكراسي والمناصب، حتى أصبح هناك نوعان من الفساد المالي: فساد غير قانوني يتمثل في الرشوة والعمولات والتلاعب في موارد الدولة الشحيحة أصلا، وفساد مقنن للسادة المسؤولين في الدولة، لا يمكن ملاحقته ولا تجريمه ولا الحديث عنه.
لم يعد الواحد منا يعرف ماذا يفعل أو ماذا يقول أو كيف يتحرك! هل مطلوب أن ندافع عن بلدنا ونواجه عدونا الخارجي فقط؟! أم يجب أن نحمي الدولة والنظام الداخلي؟! أم نصمت أمام ما يحدث من النهب العام؟! أم نحمي الإعلام الذي يشوهنا ويلوث سمعتنا كل يوم؟! أم نحمي فساد توزيع الوظائف؟! أم نحمي جمعية الشلل الخاصة بسادة الطيرمانات التي تقتلنا في عز الظهر بدم بارد، وتغتصب عقولنا في كل زقاق وحارة؟! أم نحمي عصبة ووحدة نافذة المجلس السياسي والتنفيذي الذي بتجاهلهم لنا أصبحنا نراهم كذوبين ومخادعين لا يمنحون السلطة إلا للشخصيات التي تثبت فشلها وتواصل إدارة البلد بسياسات علي كاتيوشا وعصابته؟!...
علي محسن هو الأب الشرعي لأولاد الحرام، وخاصة أن كل الأشياء والظواهر، بما فيها الإنسان، منضبطة حركتها من الماضي إلى المستقبل بسلسلة ومنظومة معروفة وتم معرفتها جيدا، وبقدر ما نعرف ونحترم القوانين أو النواميس التي تضبط حركة الواقع اليوم، وبقدر حاجتنا لأن نغيره، إلا إننا نقف حيارى أمام جدل الإنسان مع نفسه، فهناك جدل حتمي يضبط حركة الإنسان الذي يريد أن يتحرر من حاجته بتغيير واقعه وليس بتغيير ذاته كإنسان، فلا يستطيع أي إنسان أن يتحرر من حاجته إلا بتغيير واقعه أولا، وتغيير هذا الواقع يحتم على الإنسان وبحكم قانونه النوعي، أن ينتزع حريته واستقلاله من قيود واقعه أولا وقبل كل شيء.
لكن استمتعوا، وانتصروا علينا كيفما شئتم، فكلنا نعلم حكاية أن التاريخ يكتبه المنتصرون! طبعا هذا لا يعني أنه لا أحد سوى المنتصرين يملك القدرة على الكتابة للتاريخ، ولا يعني أن الروايات الهامشية كلها تم حرقها في فرن التاريخ، ولا أن المهزومين لم ينقشوا ويكتبوا وينقلوا كل ما أرادوا عبر الزمن، ولكنها تعني بالأساس أن المنتصر لديه الفرصة الكاملة لترويج روايته ونشرها على أوسع نطاق، بخلاف روايات المهمشين، ومن ربطوا أنفسهم بسلاسل احترام الواقع حبا في التغيير قبل أن يغيروا واقعهم أولا.

أترك تعليقاً

التعليقات