العدوان الأمريكي في سورية والعراق يقرب لحظة المعركة المفتوحة
- أحمد رفعت يوسف الثلاثاء , 6 فـبـرايـر , 2024 الساعة 7:20:33 PM
- 0 تعليقات
أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
أخيرا حدث ما هو متوقع، وشنت الطائرات الأمريكية اعتداءات على مواقع قالت إنها لفصائل المقاومة والحرس الثوري الإيراني، في سورية والعراق.
مصادر أمريكية قالت إن الهجمات نفذتها قاذفات بعيدة المدى استخدمت أكثر من 125 ذخيرة، وتم استهداف 85 هدفاً.
كما تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن مشاركة سلاح الجو الأردني في العدوان.
مصادر أمريكية قالت إن القصف استهدف منشآت في العراق وسورية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني و"مليشيات يدعمها" -وسمت بالاسم- "فيلق القدس".
فيما قالت مصادر ميدانية إن العدوان استهدف مقر قيادة عمليات الأنبار للحشد الشعبي العراقي، ومقر كتيبة الدروع في لواء 13 الطفوف في عكاشات، ومراكز القيادة والسيطرة، ومراكز استخبارات، وصواريخ، وقذائف، ومخازن المركبات الجوية بدون طيار، ومقرات للحشد في قضاء القائم قرب الحدود السورية.
وفي سورية، شمل القصف موقع كتيبة تابعة للجيش السوري في بلدة عياش، ومواقع في دير الزور، والبوكمال قرب الحدود العراقية، والميادين والقورية والهرابيش وعياش، وكلها تقع في محافظة دير الزور.
وغالبية المناطق التي تعرضت للعدوان في البلدين كانت قد أخليت في أوقات سابقة.
مصادر ميدانية قالت إن هذه الاعتداءات لم تشمل فقط ما ادعت القوات الأمريكية أنه مواقع لفصائل المقاومة، وإنما استهـدفت البنية التحتية العامة لمدينة دير الزور، كمحطات الوقود، ومستودع أغذية وأفران ومكتبات ومراكز الكهرباء وحديقة كراميش، ومدينة ملاهٍ في حي حويجة صكر، على نهر الفرات، وقلعة الرحبة في منطقة الميادين، رغم أنها مكان أثري فارغ.
وما كان لافتاً أكثر أن القوات الأمريكية تكتمت على قصفها مواقع تعمل فيها مليشيا "قسد" الموالية لها، مثل الهول، وهذا أثار مخاوف بأن تتعمد قصف مواقع احتجاز الآلاف من عناصر داعش في الحسكة والهول، لإفساح المجال أمام عناصر التنظيم للهروب، وتوجيههم للعمل ضد المواقع السورية وفصائل المقاومة.
ورغم كثافة القصف، وصعوبة الوضع، فقد تم الإعلان عن قصف صاروخي وبالطيران المسير لقواعد الاحتلال الأمريكي في حقلي كونيكو والعمر والقرية الخضراء بريف دير الزور، وقاعدة التنف وخراب الجير في سورية، وقاعدة عين الأسد غربي العراق، وقاعدة حرير في أربيل.
كما دوت صافرات الإنذار في السفارة الأمريكية ببغداد، ودخلت القوات الأمريكية الملاجئ، في قاعدة فكتوريا، بالقرب من مطار بغداد.
كما أقلع طيران مروحي من السفارة الأمريكية، مع حديث عن إجلاء واسع لموظفين من السفارة الأمريكية خشية قصفها.
وحتى تكون الصورة واضحة، لا بد من رصد الأجواء والتحركات التي سبقت العدوان، والتي حملت سلسة من المواقف والرسائل الأمريكية، ومنها:
الإدارة الأمريكية استبقت العدوان بمحاولات اعتبار ما ستقوم به ضمن معادلة "الضرب لرد الاعتبار، وليس لتوسيع القتال"، ولذلك حرصت على أن تكون اعتداءاتها خارج الأراضي الإيرانية، ومحاولة إقناع الإيرانيين بابتلاع الضربة، وبقيت على مدى أسبوع تحدد مواعيد الضربة بشكل شبه دقيق، بهدف منح الفصائل المعنية بالاستهداف الفترة الكافية لاتخاذ الإجراءات الاحتياطية، لتقليل الخسائر، ومحاولة عدم استثارة رد من إيران والفصائل.
كما سبق العدوان -بحسب مسؤول أمريكي- نقاش متوتر داخل البيت الأبيض، حول طبيعة الرد الأمريكي، وقال إن الهدف إرسال رسالة واضحة، لوقف الهجمات ضد مصالح أمريكا، لكن هذا المسؤول الأمريكي أكد أن هذه النقاشات أظهرت قلقاً من أن يؤدي الرد الأمريكي إلى نشوب صراع واسع.
هذه الأجواء تؤكد أن الإدارة الأمريكية تظهر بشكل واضح عدم اطمئنانها للأوضاع في المنطقة، ولذلك تعمل على إيجاد مسار سياسي مرافق للتطورات الميدانية، في محاولة لمنع جر المنطقة إلى صراع واسع ومفتوح، وهو ما ظهر من الإعلان السريع عن جولة يقوم بها وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن في عدد من دول المنطقة في الفترة 4 - 8 شباط/ فبراير الجاري.
ويبدو أن هناك محاولات أمريكية لتحقيق تسوية إقليمية شاملة في المنطقة، وفق المنظور الأمريكي و"الإسرائيلي"، وليس معالجة موضوع غزة فقط، وهو ما تسرب في الأيام القليلة الماضية عن قرب التوصل إلى اتفاق من هذا النوع، وأهم ما فيه أنه يتضمن كلمات عمومية وغامضة عن التزامات "إسرائيلية" في قطاع غزة، وحل الدولتين، مقابل موافقة سعودية على التطبيع.
ويبقى السؤال بعد هذه التطورات: هل ستنجح الإدارة الأمريكية في محاولاتها هذه؟ وهل ستقبل إيران بالتفريق بين الإيرانيين في الداخل والخارج؟ وهل ستقبل فصائل المقاومة ابتلاع الضربة الأمريكية؟
في مراقبة المواقف وردود الفعل على العدوان الأمريكي، مؤشرات إلى الإجابة، والأوضاع في المنطقة بعد العدوان.
- البيانات الإيرانية وصفت الهجوم الأمريكي بأنه "خطأ استراتيجي لن يثمر إلا تصعيد التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، ويهدد السلام والأمن في المنطقة والعالم".
الموقف الإيراني الأقوى جاء على لسان مصدر أمني في المركز الاستشاري الإيراني بسورية، أكد أن للاعتداء تداعيات وخيمة على وضعية القوات الأمريكية بالمنطقة، وأن الأمريكي يجب أن يخرج من المنطقة مهما كان الثمن.
- الحكومة العراقية أكدت أن "الضربة العدوانية ستضع الأمن في العراق والمنطقة على حافة الهاوية، كما أنها تتعارض وجهود ترسيخ الاستقرار".
أما الأهم في الموقف العراقي فهو التأكيد بأن "وجود التحالف الدولي خرج عن المهام الموكلة إليه، وصار سبباً لتهديد الأمن والاستقرار في بلدنا"، وأن "الجانب الأمريكي عمد إلى التدليس وتزييف الحقائق، عبر الإعلان عن تنسيق مُسبق لارتكاب هذا العدوان، وهو ادعاء كاذب، هدفه تضليل الرأي العام الدولي، والتنصل من المسؤولية القانونية، لهذه الجريمة المرفوضة".
- الدولة السورية، التي تعتبر عقدة الوصل في كل هذا الصراع، أكدت وزارة خارجيتها، أن "العدوان يصبّ في تأجيج الصراع في منطقة الشرق الأوسط على نحو خطير للغاية... وسورية ترفض رفضاً قاطعاً كل الذرائع والأكاذيب التي روجت لها الإدارة الأمريكية لتبرير هذا الاعتداء.
كما أجمعت فصائل المقاومة على رفض العدوان، وأنها مستمرة في مقاومتها ضد الأمريكي ونصرة للشعب الفلسطيني في غزة.
أما محاولات الإدارة الأمريكية إيجاد حلول سياسية تنقذها مع الكيان الصهيوني من هذه الورطة، فيبدو أنها تترنح قبل أن تعلن، رغم المعلومات التي تم تسريبها عن حصول تقدم. ويمكن قراءة هذا الفشل من آخر تصريح لرئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو، حين أكد وجود حطوط حمراء عند حكومته على أي اتفاق، وهي: "لن نوقف الحرب، ولن نسحب قوات الجيش من غزة، ولن نفرج عن آلاف المخربين"، وهذا يعني عمليا سقوط أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق.
ما سبق يؤكد أن العدوان الأمريكي على سورية والعراق أحدث منعطفاً جديداً وخطيرا في الصراع في المنطقة، وأن الإدارة الأمريكية لن تنجح في محاولاتها لتمرير معادلتها "الضرب لرد الاعتبار وليس لتوسيع القتال"، خاصة وأن عجز الحكومة "الإسرائيلية" عن إبرام أي اتفاق، واقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، سيجعل القرار بيد الرؤوس الحامية في الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني، وهذا يؤكد أن المنطقة سائرة إلى المزيد من التصعيد، وأن لحظة فتح كل الجبهات، وساحات الاشتباك والصراع، مع الأمريكي و"الإسرائيلي"، تقترب أكثر، وعند هذه النقطة سيكون هناك حديث آخر مختلف.
المصدر أحمد رفعت يوسف
زيارة جميع مقالات: أحمد رفعت يوسف