تجاوز قواعد الاشتباك
 

أحمد رفعت يوسف

أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
العدوان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق فيه تجاوز لحدود وقواعد الاشتباك، التي تمنع استهداف السفارات والمؤسسات الدبلوماسية.
كما أنه يأتي بعد عدة اعتداءات متلاحقة ضد أهداف سورية إيرانية، فيها تصعيد كبير، كما هو في استهداف مراكز البحوث العلمية في حلب ودمشق.
العدوان الصهيوني الجديد ما كان ليتم لولا وجود ضوء أخضر وموافقة أمريكية على تنفيذه وضرب الهدف المقصود، وهو الجنرال محمد رضا زاهدي، القيادي في فيلق القدس، والمسؤول عن الساحتين السورية واللبنانية.
في الصراعات العسكرية، معروف أن أي طرف عندما يستطيع تحقيق أهدافه من أي عمل عسكري يقوم به، سواء كان مدافعا أم مهاجما، لا يلجأ إلى تجاوز قواعد وحدود الاشتباك، وعندما يضطر لتجاوزها وضرب أهداف تحرمها هذه القواعد، فهذا معناه أنه فشل في تحقيق أهدافه العسكرية الاستراتيجية، وكلما تجاوز هذه الحدود تكون تعبيرا عن عجزه أكثر، وليس تعبيرا عن عوامل قوة أو نجاح في تحقيق الأهداف، وهو ما نراه في الاستشراس الصهيوني الأمريكي، باستهداف المدنيين والمنشآت الصحية والخدمة في قطاع غزة، ليأتي عدوان اليوم فيؤكد أن العدو الصهيوني الأمريكي في أزمة حقيقية، وعاجز عن تنفيذ أهدافه الاستراتيجية والعسكرية التي وضعها بعد عملية «طوفان الأقصى».
واقع الميدان اليوم يؤكد أنه ليس مفتوحا للأمريكيين و«الإسرائيليين»، وأنهم عرضة لاستهداف، كما الطرف المقابل، إن لم نقل أكثر.
كما أن تجاوز حدود وقواعد الاشتباك بالشكل الذي نراه، يبرر للطرف المقابل (أطراف محور المقاومة) توسيع قاعدة استهداف العدو، وتجاوز قواعد الاشتباك التي تحكم الصراع حتى الآن.
يمكن التأكيد أن إيران وأطراف محور المقاومة لا يمكن أن يسكتوا على مثل هذا التجاوز الخطير، وهذا يعني أننا سنكون أمام مرحلة جديدة من التصعيد، والأمر متروك لغرفة عمليات المقاومة، التي تراقب وتحلل وتخطط وتقرر وتنفذ، لتحديد طبيعة الرد وزمانه ومكانه.
ما يجري يؤكد ما نقوله في كل قراءتنا للوضع، بأن طبيعة هذا الصراع بعد عملية «طوفان الأقصى» أعمق وأبعد من مجرد اشتباك، كما رأينا في أكثر من جولة في لبنان وفلسطين المحتلة، خلال العقود الأربعة الماضية، أو مجرد معركة بين الحروب، كما كانت تسمى، وهي معركة تتعلق بالصراع للسيطرة على منطقة غرب آسيا، وصولا إلى مصر، وهي المنطقة التي كانت عبر التاريخ تتحكم بصعود وهبوط الدول العظمى والإمبراطوريات، وهي التي ستحدد اليوم مواقع النفوذ والقوى والقوة، في المنظومة الإقليمية والدولية التي تتشكل، مع انتقال العالم من مرحلة القطب الواحد، برأسه الأمريكي، إلى العالم متعدد الأقطاب.
هذا يؤكد أن الأفق مسدود أمام أي حل أو اتفاق لوقف القتال، وأننا أمام عملية تصعيد مفتوحة على كل الاحتمالات، حتى حسم هذا الصراع.

أترك تعليقاً

التعليقات