أحمد رفعت يوسف

دمشق  - أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -

من سورية إلى اليمن وبينهما لبنان والعراق وإيران وانتهاء الجميع في فلسطين المحتلة، أثبتت الأحداث أن الاستسلام للعدو مكلف وينتهي بكارثة، أما المقاومة فهي أقل كلفة وأكثر كرامة وحصادها وفير ونتيجتها مضمونة.
بهذه الروح قاوم أهل الجزء المحتل من الجولان السوري الاحتلال "الإسرائيلي" منذ العام 1967 حين رفضوا الهوية والجنسية "الإسرائيلية" وتمسكوا بهويتهم السورية، وليس انتهاء بمقاومتهم قبل أيام لمخطط عدواني ظاهره تركيب مراوح لتوليد الكهرباء وباطنه مصادرة أراضيهم ومحاولة جدية للتضييق عليهم وتهجيرهم من مناطقهم.
أراد العدو الصهيوني أكثر من مجرد تركيب المراوح وهدفه تثبيت أمر واقع يكرس قراره ضم الجولان ويكسر موقف أهل الجولان الذين رفضوا القرار وأكدوا تمسكهم بهويتهم وانتمائهم.
في اليوم الذي حددته حكومة العدو الصهيوني لتركيب المراوح الكهربائية، الأربعاء الماضي، التاسع من الشهر الجاري، أعلن الجولانيون بدء الإضراب العام والشامل، الذي يشمل كل المرافق الحياتية، وتعطيل المدارس والتعليم عن بعد، والتوجه إلى الأراضي المزمع إقامة المراوح العملاقة عليها والانتشار فيها لمنع سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" من تنفيذ مخططها التوسعي في ممتلكاتهم.
الجولانيون الذين خبروا الاحتلال وعجزه أمام أي حالة مقاومة كسروا الخوف وخرجوا متصدين لمشروعه العدواني بالمواجهة المباشرة وباللحم الحي. وكانت النتيجة إصابة أكثر من 20 مواطناً بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، كما تم اعتقال آخرين. لكن كل ذلك لم يكسر إرادتهم، وكانت النتيجة أن حكومة الكيان الصهيوني اضطرت إلى التراجع، مفضلة عدم الاستمرار في مواجهة ستكون خاسرة أمام إرادة أهل الجولان والرأي العام العالمي، وفي وقت حساس تمر به كامل المنطقة، وحتى لا تنغص على العدو الصهيوني أفراحهم بمسيرة التطبيع التي تقوم بها أنظمة الذل وفي مقدمتها نظاما بني سعود وعيال نهيان.
اليوم الجولاني الطويل انتهى بانتصار أهل الأرض وبتعهد من قوات الاحتلال بعدم دخول أراضي المنطقة والتوقف عن إقامة المراوح والإفراج عن المعتقلين مقابل فض الاعتصام.
وفي استطلاع مواقف لصحيفة "لا" بعد المواجهة أكد ابن الجولان الأسير المحرر صدقي المقت، الذي كان في مقدمة المعتصمين ومواجهة قوات الاحتلال، أكد أن "أبناء الجولان السوري المحتل سيفشلون مخطط الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني، وسيواصلون الدفاع عن أرضهم، ولن يسمحوا بتنفيذ هذا المخطط ولن يمر إلا على جثث أهالي الجولان الذين سيدافعون عن أرضهم مهما كلف الثمن".
وشدد المقت على "تمسك أبناء الجولان المحتل بأرضهم وبهويتهم العربية السورية ومواصلة الدفاع عن أرضهم بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي لإفشال كل مخططاته التهويدية وفي مقدمتها مخطط التوربينات الاستيطاني"، لافتاً إلى أن أبناء الجولان "سيواصلون النضال في وجه الاحتلال حتى تحرير كامل الجولان المحتل وعودته إلى وطنه سورية".
مدير مكتب الجولان في الحكومة السورية، مدحت صالح، أكد أن "أهالي الجولان متمسكون بأرضهم وبهويتها العربية". 
وأضاف صالح: "إن موقف جامعة الدول العربية مخزٍ من قضيتنا في الجولان".
بدوره قال رئيس الفعاليات الوطنية الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948، الشيخ سلمان عنتير، إن "الجولان أرض عربية سورية وستبقى"، مشدداً على أن "أهالي الجولان المحتل يواجهون الاحتلال الغاشم بشجاعة كبيرة وسينتصرون بإرادتهم وسيفشلون مخططاته التهويدية".
رسمياً أكدت وزارة الخارجية والمغتربين السورية "إدانة سورية بشكل مطلق الإجراءات الإسرائيلية في الجولان المحتل، وتحذر من مغبة المضي في تنفيذها، وتطالب الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بالتصدي لهذا العدوان الإسرائيلي على حقوق أهالي الجولان وعلى سيادة الجمهورية العربية السورية على أرضها ومواردها".
وجددت الخارجية السورية "دعمها اللامحدود لمواطنيها العرب السوريين، أهالي الجولان السوري المحتل في إضرابهم العام ضد هذه الإجراءات الإسرائيلية، ورفضهم قرار ضم الجولان إلى كيان الاحتلال وسياسة الاستيلاء على الأراضي والممتلكات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل".
مواجهة أبناء الجولان للمحتل "الإسرائيلي" انتهت بانتصار أهل الجولان في مقاومتهم ومنعوا سلطات الاحتلال من إقامة المراوح العملاقة في أراضيهم، لكن النتائج كانت أكبر من ذلك بكثير، حيث وجه أهالي الجولان رسالة قوية بأن قرار قوات الاحتلال "الإسرائيلي" بضم الجولان واعتراف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهذا القرار لم يكن سوى حبر على ورق، وأسقطوا بالضربة القاضية توقيع ترامب الذي استعرضه أمام كاميرات وسائل الإعلام وفتحوا الباب لكل الخيارات لإبقاء قضية الجولان ركناً في صناعة الاستقرار على مستوى المنطقة، خاصة وأن ما يجري يؤكد أن كل ما تقوم به سلطات الاحتلال من محاولات يائسة لتكريس ضم الجولان وباعتداءات عسكرية هنا وهناك يسجل في حساب مفتوح بانتظار اليوم الذي سيفتح فيه هذا الملف وبقرار سوري نهائي هذه المرة.

أترك تعليقاً

التعليقات