اتفاق عين عيسى يغير خارطة الصراع والسيطرة فـي شمال سورية
- أحمد رفعت يوسف الجمعة , 1 يـنـاير , 2021 الساعة 7:22:04 PM
- 0 تعليقات
دمشق- أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
بدأت طلائع وحدات الشرطة العسكرية الروسية الانتشار في مدينة عين عيسى في محافظة الرقة شمال سوريا القريبة من الحدود السورية ـ التركية، بالتزامن مع انسحاب وحدات مليشيا "قسد" العميلة للاحتلال الأمريكي، تمهيداً لدخول الجيش السوري إلى المدينة.
نائب مدير مركز "حميميم" للمصالحة - حيث تتواجد قيادة القوات الروسية في سورية والتابع لوزارة الدفاع الروسية - اللواء البحري فياتشيسلاف سيتنيك، أصدر بياناً قال فيه: "بهدف تعزيز الجهود لإرساء الاستقرار في منطقة عين عيسى وصلت إلى هناك وحدات إضافية للشرطة العسكرية الروسية".
انتشار الوحدات الروسية جاء بعد التوصل إلى اتفاق إثر محادثات صعبة بين ممثلين عن الدولة السورية ومليشيا "قسد" بوساطة روسية لتقرير مصير المدينة حتى لا تتكرر مأساة مدينة عفرين (شمال حلب) التي تشكل أهم مناطق الوجود الكردي في سورية عندما رفضت مليشيا "قسد" الانسحاب منها وتسليمها للجيش السوري، فكانت النتيجة سيطرة تركيا (العدو التاريخي للأكراد) عليها وتشريد سكانها الأكراد، وتمدد الاحتلال التركي داخل الأراضي السورية، وفي عقر دار الوجود الشعبي الكردي في شمال سورية.
ومدينة عين عيسى تحتل موقعاً استراتيجياً بوقوعها على الطريق الدولي (الحسكة ـ الرقة ـ حلب) المعروف باسم (M4) الرابط بين شرق سوريا وغربها، وهي مركز ناحية إدارية تتبع منطقة تل أبيض بمحافظة الرقة في شمال سوريا، وتبعد عن الرقة حوالي 55 كم، وكان يبلغ عدد سكانها قبل الأحداث في المنطقة بحدود 40 ألف نسمة أغلبيتهم عربية والوجود الكردي فيها محدود، لكن مليشيا "قسد" سيطرت عليها بمساعدة قوات الاحتلال الأمريكي، حيث تشكل المدينة امتداداً لمدينة الرقة التي كان تنظيم داعش يتخذها عاصمة لدويلته.
الخبير في شؤون الجماعات المسلحة والمتابع لعمليات المصالحة، عمر رحمون، قال لـ"لا" إن مليشيا "قسد" وافقت بموجب الاتفاق على تسليم مدينة عين عيسى إلى الجيش السوري، الذي سينتشر في المدينة خلال الأيام القليلة القادمة بعد تأمين انسحاب وحدات "قسد" من المدينة ومن محيطها بإشراف الشرطة العسكرية الروسية.
وأكد رحمون أن "الأكراد أخبروا الجانب الروسي أنهم على استعداد للانسحاب من عين عيسى بشكل كامل".
الاتفاق الذي استهدف بالأساس تجنيب المدينة حرباً شرسة ومدمرة، لكنه في تفاصيله يأخذ الطابع الاستراتيجي والذي سيغير خريطة السيطرة في كامل شمال وشمال شرق سورية، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية، وتتعقد كثيراً إلى الدرجة التي يتواجد في المنطقة جيوش ووحدات عسكرية من أكثر من عشر دول، بعضها موجود بشكل غير شرعي ويأخذ صفة الاحتلال مثل القوات التركية والأمريكية وحلفائها، وبعضها يأخذ الصفة الشرعية لتواجدها بموافقة الدولة السورية، مثل القوات الروسية، كما تتواجد في المنطقة معظم المليشيات التي تنشط على الأراضي السورية، ومنها "داعش" و"النصــــــــرة" والمجموعـــــــــات الإرهابية المرتبطة بتركيا ومليشيا "قسد" المرتبطة بالاحتلال الأمريكي.
وبموجب الاتفاق سيوسع الجيش السوري والقوات الرديفة سيطرتها في المنطقة بعمق 40 كيلومتراً من مدينة الرقة باتجاه الحدود مع تركيا، وسيزيد نطاق سيطرته على طريق (M4) الاستراتيجي الذي يربط مناطق شمال وشرق سورية مع بقية مناطق سورية، وسيزيد نطاق الأمان على الطريق.
ويقطع الاتفاق فرصة كانت تنتظرها تركيا بفارغ الصبر للانتشار في كامل المنطقة والسيطرة على مسافات واسعة من طريق (M4) بحجة إبعاد المليشيات التركية عن حدودها.
كما يضيق الاتفاق الخناق على مليشيا "قسد" والقوات الأمريكية التي تسيطر على مدينة الرقة، ويؤمن موطئ قدم قوياً للدولة السورية والجيش السوري والقوات الرديفة وكذلك للقوات الروسية في عمق مناطق التواجد الأمريكي في كامل المنطقة الحيوية، وهذا سيكون له أثر كبير في موازين القوى عندما يحين موعد بحث الوجود الأمريكي غير الشرعي في سورية.
كما سحب الاتفاق ورقة الابتزاز والتهديد التي كانت تستخدمها مليشيا "قسد" والقوات الأمريكية بوضع تواجدها في عين عيسى مقابل الوحدات السورية المنتشرة في مدينتي الحسكة والقامشلي.
لكن تركيا، المنزعجة من اتفاق عين عيسى والتطورات الميدانية واللوجستية الناجمة عنه، والتي اضطرت للموافقة عليه مستسلمة بذلك لموازين القوى في المنطقة وللوضع الميداني في سورية، واصلت محاولاتها التشويش على الاتفاق، وستكون مســـــــــرورة لو تمكنت من إسقاطه، وهو ما ينطبق على القوات الأمريكية، فواصلت تركيا من خلال المليشيات المرتبطة بها توتير الأجواء، وشهدت الفترة التي رافقت الإعلان عن الاتفاق وانتشار القوات الروسية اشتباكات عنيفة بين وحدات "قسد" وفصائل موالية لتركيا، لكن مسار الأحداث والتطورات يؤكد أن الاتفاق يسير بشكل جيد وستدخل القوات السورية إلى مدينة عين عيسى خلال الأيام القليلة القادمة لتزيد نطاق سيطرة الدولة السورية على أراضيها ومع كل خطوة مشابهة نستطيع القول إن ما قبل اتفاق عين عيسى غير ما بعده.
المصدر أحمد رفعت يوسف
زيارة جميع مقالات: أحمد رفعت يوسف