أحمد رفعت يوسف

دمشــق  أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
بعد حديث الرئيس السوري، بشار الأسد، وبيان وزارة الخارجية السورية، حول أسس وقواعد القمة السورية التركية، وإعادة العلاقات بين البلدين، وهي «الانسحاب من الأراضي السورية، ووقف دعم تركيا للإرهاب والمجموعات الإرهابية»، يبدو أن المسؤولين الأتراك، وفي مقدمتهم الرئيس أردوغان، اقتنعوا بجدية الموقف السوري، وأن الطريق إلى دمشق لن يكون مفتوحاً بدون تحقيق شروطها.
وتحدثت تقارير إعلامية تركية وسورية معارضة عن أن وزارة الخارجية السورية أرسلت مذكرة إلى نظيرتها التركية تتضمن بالتفصيل الإجراءات التي تطلبها سورية من تركيا لتنفيذها، كإجراءات لا بد منها للعودة بالعلاقات السورية التركية إلى ما كانت عليه، وتتعلق بالانسحاب، وتسليم المنشقين، ووقف وسائل الإعلام المعادية لسورية، واتفاق أضنة الأمني بين الجانبين، والحقوق السورية والعراقية في مياه الفرات، وغيرها. وبالمقابل حددت المذكرة الخطوات السورية لمنع نشاطات حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا حركة إرهابية.
وأكدت هذه المصادر أن الحكومة التركية تعاملت بإيجابية مع مذكرة الخارجية السورية.
وقالت صحيفة «يني شفق»، المقربة من الحكومة التركية، إن «تركيا ماضية في التطبيع، وبدأت اتصالات بين البلدين على المستويات العسكرية والاستخبارات، حول الوضع في شمال غرب سورية (إدلب وجوارها)».
وتوقعت الصحيفة توسع الاتصال إلى مستوى وزيري الخارجية، وصولا إلى قمة تاريخية بين الرئيسين الأسد وأردوغان، التي توقعتها في أيلول/ سبتمبر المقبل.
الاستجابة التركية طالت كل ما هو مطلوب منها لتنفيذ الشروط السورية للمصالحة ولقاء الرئيسين الأسد وأردوغان، بدأتها بقيام دوريات أمنية تركية بمداهمة سبعة مكاتب تابعة لما يسمى الحكومة السورية المؤقتة، التي كانت تدعمها تركيا وتريدها بديلاً للحكومة السورية الشرعية، ووجهت لهم تهماً خطيرة، منها:
- إقامة مشاريع تجارية غير قانونية.
- وجود أموال وحسابات مشبوهة بأسماء أعضاء من هذه الحكومة.
- تنظيم عمليات بيع عقارات وهمية.
- الاتجار بالبشر.
وفي إجراء آخر مفاجئ يشير إلى احتمال أن تكون مدينة عفرين شمال حلب، ذات الأغلبية الكردية، أول المدن التي ستخليها تركيا، قام فصيل «الحمزات»، الذي يقوده المدعو «سيف أبو بكر» والموالي لتركيا ويتمركز في المدينة، بمداهمة الأراضي الزراعية التي يدعي معارضون سوريون امتلاكها، وبعضهم قتل خلال الأحداث، والبعض الآخر هرب خارج سورية، وطلب من زوجات وعائلات هؤلاء سندات ملكية للأراضي التي يستثمرونها.
وأبلغ فصيل الحمزات الأهالي بأنه لن يعترف بأي سندات ملكية إلا الصادرة عن الحكومة السورية فقط، ولن يعترف بأي سندات صادرة عن أي جهة أخرى، وتحديداً الحكومة المؤقتة أو الائتلاف أو المجالس العسكرية، وأي صاحب عقار لا يملك وثائق سورية رسمية تثبت مليكته العقار ستتم مصادرته ووضعه تحت تصرف سلطات الأمر الواقع (التركية حالياً) تمهيداً لتسليمها إلى الدولة السورية.
كما دخل فصيل «العمشات» إلى مخيم زغيب القريب من عفرين، وطالب سكان المخيم (أكثر من 90 من عائلات عناصر في مجموعات مسلحة) بمغادرة المنطقة في ظرف 48 ساعة، بحجة قربه من موقع عسكري تركي.
هذه الإجراءات على صلة بالتهمة التي وجهتها السلطات التركية، للمكاتب التابعة «للحكومة المؤقتة والائتلاف» التي داهمتها في إسطنبول، وهي «تنظيم عمليات بيع عقارات وهمية» وتتعلق بشكل خاص ببيع أراضي أصحاب الأرض الحقيقيين، الذين اضطروا لمغادرة عفرين بعد احتلالها من قبل تركيا، ومصادرتها من قبل الائتلاف والحكومة المؤقتة، وبيعها بطرق غير نظامية، وبوثائق غير صادرة عن الحكومة السورية الشرعية.
كما بدأت تركيا بتفكيك المحولات الكهربائية التي ركبتها في المناطق التي تسيطر عليها، في إدلب ومحيطها.
وتناقلت وسائل الإعلام مشاهد تفكيك هذه المحولات ونقلها، والتي بدأت من المناطق التي تظاهر فيها المسلحون المعارضون للمصالحة السورية التركية ضد السلطات التركية، وأحرقوا الأعلام التركية ومزقوها، وهذا يعني أن هذه المناطق ستعيش في ظلام كامل، بسبب توقف الكهرباء التركية، وعدم وصول الكهرباء السورية.
هذه الإجراءات، أتبعتها الحكومة التركية بخطوات على أعلى المستويات، حيث عقد اجتماع في لواء اسكندرونة السوري، الذي تحتله تركيا، جمع رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالان، مع اعضاء من الحكومة المؤقتة، وقادة من الائتلاف السوري المعارض، وقادة من المجموعات المسلحة التي تعمل بإمرة تركيا. ونقل قالان للمجتمعين قرار تركيا المضي قدماً في المصالحة مع سورية، وأكد لهم أن من سينفذ ما يطلب منه ستكون له فرصة في البقاء والدخول في المصالحة، ومن سيرفض فعليه إما المغادرة وإما سيتم تحييده (قتله).
وفي خطوة متصلة، أصدرت سلطات الطيران في مطار بيروت الدولي تعميما بمنع قبول أي لاجئ سوري ذهب من تركيا إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، تحت طائلة إعادة المسافر على الرحلة نفسها، وتغريم الشركة الناقلة.
كما عقد اجتماع روسي تركي هام، في مدينة سراقب، جنوب حلب، التي تسيطر عليها الدولة السورية وتقع على طريق (M4) الواصل بين حلب واللاذقية، ويعتبر فتحه إحدى أهم خطوات التقارب بين سورية وتركيا، وتم الاتفاق على عدة خطوات:
- فتح المعابر والطرقات بين المناطق الخاضعة للدولة السورية، والخاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة، وبإشراف روسي تركي.
- تتعهد تركيا، من الآن فصاعدا، بعدم تزويد المجموعات المسلحة في المنطقة بأي دعم، مادي أو عسكري أو لوجستي.
- للروس الحق في تمشيط أي منطقة تخرج منها أي طلقة، دون أي اعتراض تركي.
هذا الاتفاق، يعني عملياً موافقة تركية على تسليم هذه المناطق لروسيا، كخطوة أولى، تمهيدا لتسليمها للدولة السورية لاحقا.
أما الخطوة الأهم، التي تؤكد جدية تركيا في تنفيذ كل الخطوات المطلوبة للمصالحة مع سورية، فتتمثل في زيارة وفد تركي رفيع المستوى، برئاسة زير الخارجية حقان فيدان، وضم وزير الدفاع يشار غولر، ورئيس الاستخبارات إبراهيم قالان، ووزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدار، إلى العاصمة النيجرية «نيامي»، حيث أجروا نقاشات مطولة حول ترحيل المسلحين السوريين، الذين يتعذر عودتهم بموجب قانون العفو السوري المنتظر، إلى النيجر، مقابل مساعدات تركية للنيجر في مجالات الطاقة والكهرباء، كما سيتم ترحيل بعضهم إلى ليبيا ودول أخرى.
وفي إشارة روسية مهمة داعمة للموقف السوري، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في رسالة نشرتها الخارجية الروسية بمناسبة الذكرى 80 لإقامة العلاقات بين روسيا وسورية، قال فيها: «سورية هي حليفنا الموثوق، والذي اختبر عبر الزمن على الساحة الدولية. وبفضل الجهود المشتركة تمكنا من مواجهة الإرهاب الدولي على الأراضي السورية».
وأضاف لافروف: «يتواصل الرئيسان بوتين والأسد بشكل منتظم، والتقيت في الخارجية، هذا العام، مرتين، زميلي وصديقي فيصل المقداد».
هي خطوات جدية تؤكد أن سورية وتركيا تسيران نحو إنجاز مصالحة تاريخية تتوج بقمة بين الرئيسين، بشار الأسد ورجب طيب أردوغان، متوقعة في أيلول/ سبتمبر المقبل، ستنهي معظم تداعيات العدوان على سورية، ويتوقع أن تكون مناطق شمال شرق سورية، التي تسيطر عليها مليشيا «قسد» العميلة للمحتل الأمريكي، الحوة التالية والمتوقعة قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية.

أترك تعليقاً

التعليقات