اليمن يلقن أعداءه درساً قاسياً
- فهد شاكر أبو راس الأحد , 4 مـايـو , 2025 الساعة 1:28:31 AM
- 0 تعليقات
فهد شاكر أبوراس / لا ميديا -
لم تعد واشنطن تخفي شراكتها في محاصرة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بل إنها باتت اليوم تجاهر بذلك وتفاخر على مرأى ومسمع العالم، كما تفاخرت من قبل بمخطط تهجيرهم وإخراجهم من ديارهم، وتزويد الكيان بما يتقوى به على قتلهم وحصارهم وتجويع أطفالهم ومواصلة جرائم الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية بحقهم.
المأساة في قطاع غزة اليوم هي أعمق من لغة الأرقام، وتفوق الوصف بالكلمات، بل إنها أبعد ألف سنة ضوئية من بيانات وقمم عربية وإسلامية.
هناك مثل شعبي متداول ومعروف في الأوساط العربية يقول بأن «الجوع كافر»؛ إلا في غزة؛ أصبح الجوع يهودياً، يلتهم الأطفال والكبار والنساء، ويقتطف أرواح الجميع باستمرار ومن دون توقف.
تتردد التساؤلات من غزة عن حال الأمة العربية والإسلامية من حولها، المعقود لسانها وضميرها عن إجابة نداءات الغزيين المستمرة واستغاثاتهم.
اليوم، وبعد مضي شهرين ونيف على جريمة إغلاق المعابر وإطباق الحصار، وما تلاه من استئناف صهيوني أمريكي لجرائم الإبادة الجماعية والمجازر الوحشية في غزة، واستمرار تدفق شلال الدم فيها من دون توقف، والأطفال فيها يتضورون جوعاً، والمرضى لا يتلقون العلاج، والناس يموتون أو يُستشهدون جراء القصف الصهيوني، في جرائم إبادة جماعية ومجازر وحشية مفتوحة بلا أفق ولا نظير في تاريخ المعارك الحروب؛ تكتفي الأمم المتحدة بالدعوات الخجولة فقط لفتح المعابر وإدخال المساعدات إلى غزة، من دون إحداث أي موقف عملي من أجل ذلك.
وفي خضم استمرار الحصار والجوع والقتل في قطاع غزة، وفي ظل تنامي الخذلان العربي والإسلامي للغزيين، يخط اليمن بأحرف من نور تاريخاً جديداً للمنطقة، ومعنى حقيقياً للعزة والكرامة، فمن بين أنقاض المدن المحاصرة ينهض رجال استطاعوا إعادة تعريف المعادلة العسكرية، وحوّلوا الضعف الظاهري إلى قوة روحية وعملية تحيّر العقول، وبإمكانيات بسيطة نجحوا في تحويل البحر الأحمر إلى ساحة رعب للقوى العظمى، وأجبروا أساطيل العالم على الترنح أمام زوارق الإيمان. فكل ضربة يمنية ليست فقط مجرد عملية عسكرية، بل إنها تعد بياناً صاخباً للعالم، أن زمن الهيمنة الأحادية قد ولى، انتهى.
لذلك فإن القصف الأمريكي البريطاني الهستيري على رؤوس المدنيين في اليمن يكشف أوراق الغرب وبشكل مهين. فبينما تعلن واشنطن انتصاراتها الوهمية، تعجز صواريخها وطائراتها عن كسر إرادة شعب تعهد ألا ينحني، وغزة بالنسبة له ليست مجرد ذكرى، بل إنها نبوءة تتكرر على امتداد تاريخ مجد هذه الأمة. وكما نهض المجاهدون في فلسطين من تحت الأنقاض، أثبت المجاهدون في اليمن للعالم أن «الرماد» لا يطفئ الجهاد، بل يشعله.
وبينما الخزائن العربية والغربية تفرغ، فإن خزائن الإيمان تمتلئ، وكل مليار ينفق على قصف غزة يقابله تصعيد يمني أعلى، وكل تهديد غربي يواجه بابتسامة يمنية تقول:
لقد اعتدنا على الخذلان من الإخوة؛ ولكن عهدنا مع الله أقوى. وصنعاء التي أردتموها عبرة وعظة للعالم عن مصير كل من يخرج عن وصايتكم، صارت اليوم منبراً للعزة. والحديدة التي حاصرتموها لسنوات عشر تحولت إلى كابوس يطارد أحلامكم ليلاً ونهاراً.
لقد علّم اليمنُ الغربَ درساً قاسياً: أن الشعوب عندما تؤمن تصنع المستحيل بقوة لا تدركها حسابات واشنطن، ولا معادلات البنتاغون.
المصدر فهد شاكر أبو راس
زيارة جميع مقالات: فهد شاكر أبو راس