عبد الحافظ معجب

عبدالحافظ معجب / لا ميديا -
انتزاع الحق في إعادة تشغيل مطار صنعاء بإضافة وجهات سفر جديدة، وإلغاء القرارات البنكية والمصرفية، والالتزام بعدم تكرار هذه «الخبالات» مستقبلاً، هي البداية لانتزاع حقوق الشعب اليمني كاملة ودون أي مراوغة أو التفاف من الولايات المتحدة الأمريكية التي اعتقدت أن القرارات العقابية في الجانب الاقتصادي، ستثني اليمن عن موقفه المساند لغزة، واعتقدت المملكة السعودية أن هذه القرارات ستفتح معركة جانبية بين صنعاء وحكومة الفنادق، لتتدخل المملكة كوسيط يرعى النقاشات ومقترحات الحلول، ولكنها وجدت نفسها «صاغرة»، أمام تهديد إلكتروني، دونه المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع على منصة «إكس»، ولم تجرؤ على تخطي مهلة الأيام الثلاثة التي غرد بها «سريع» لتسارع إلى إعادة الحجيج العالقين في جدة إلى مطار صنعاء الدولي.
وهنا أدركت واشنطن أن قرار الإسناد اليمني، ماض في طريقه حتى وقف العدوان والحصار على غزة ولا شيء دون ذلك سيوقف الحصار المفروض على موانئ فلسطين المحتلة، وأدركت الرياض أن صنعاء لن تذهب إلى صراع أو حوار، مع من لا يملكون القرار في حكومة الفنادق، وستبقى متمسكة بخياراتها العسكرية، «الباليستية» و«المسيرة»، مهما كلف الثمن، وهذا ما قاله سيد الثورة وقائدها «أبو جبريل» مخاطباً المملكة أن إجراءاتها العقابية الأمريكية ضد الشعب اليمني لن تمر دون عقاب، وفرض السيد القائد معادلة «المطار بالمطار» و«البنك بالبنك» و«الميناء بالميناء»، الأمر الذي أربك حسابات الرياض ودفعها لإرسال الوسطاء في محاولة منها للتملص من قرارات «المعبقي» ومرتزقة طيران اليمنية، ولكن التحذيرات المتكررة ولغة الخطاب «العالية» أجبرت الرياض على التراجع عن كل الإجراءات الاقتصادية مقدمة مصلحتها وسلامة منشآتها على رغبة الإدارة الأمريكية، وفي الوقت عينه لم تأبه بعويل وصراخ المرتزقة الذين فقدوا صوابهم.
عندما أعلن وزير الخارجية السعودي، أن خارطة الطريق اليمنية جاهزة وينتظرون التوقيع على هذه الخارطة في أقرب وقت ممكن وأن المملكة مستعدة للعمل وفقاً لها، جاء الرد من صنعاء بالرفض القاطع لمحاولة تبييض صفحة الخارج الأمريكي وتصوير عدوان الخارج وكأنه شأن داخلي، وأكدت صنعاء للمبعوث الأممي أن استعمال لغة التأجيل والترحيل في مسائل تتصل بحقوق الشعب اليمني أمر غير مقبول، وأعلنت صنعاء موقفها الرافض لأي تفاوض مع حكومة الفنادق إلا في إطار مناقشة تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها، والتي جرى تعديل بنودها أكثر من مرة، عبر لقاءات ونقاشات مباشرة بين الجانب اليمني والجانب السعودي في صنعاء والرياض ومسقط منذ إعلان الهدنة في العام 2022.
وفي الشهر الأخير من العام 2023 أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أنه وبعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف في الرياض ومسقط، تم التوصل إلى «خارطة الطريق» وهي عبارة عن مجموعة من التدابير التي تشمل تنفيذ وقف إطلاق النار على كافة الأراضي اليمنية، ودفع جميع رواتب القطاع العام، وتوحيد العملة الوطنية واستئناف صادرات النفط، وفتح كافة الطرقات المغلقة بسبب العدوان، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، وإخراج القوات الأجنبية، وذكر بيان المبعوث أن خارطة الطريق ستنشئ أيضاً آليات للتنفيذ وستعد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة.
وبعد دخول اليمن في معركة إسناد غزة وارتفاع وتيرة الهجمات البحرية، استخدمت واشنطن هذه الخارطة كورقة ضغط على صنعاء لإثنائها عن عمليات البحر الأحمر، وصرح المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ لوكالة «رويترز»، أن نجاح مفاوضات السلام بات مستحيلاً في الوقت الحالي بسبب الهجمات على السفن الاسرائيلية، موضحاً أن التزام بلاده بعملية السلام في اليمن لا يعني الصمت أمام العمليات العسكرية في البحر الأحمر، وأن هدف الهجمات الأمريكية البريطانية هو تدمير قدرة «الحوثيين» على مهاجمة السفن، معترفاً في الوقت نفسه أن واشنطن تفضل الحل الدبلوماسي، لمعرفتهم الكاملة بعدم جدوى الحل العسكري مع اليمنيين.
‏وعندما فشلت واشنطن بابتزاز صنعاء عبر تجميد خارطة الطريق وعبر العمليات العسكرية الأمريكية البريطانية المشتركة، لجأت إلى الدفع بالرياض لإصدار حزمة من القرارات الاقتصادية العقابية على الشعب اليمني، بنقل البنوك والمصارف، ووقف الرحلات عبر مطار صنعاء الدولي، ولكن هذه الخطوة فشلت أيضاً بعد معادلة الردع والقوة التي فرضها قائد الثورة أبو جبريل، ومثلما انتزع اليمنيون حقهم بإلغاء القرارات البنكية وأعادوا تشغيل مطار صنعاء، سينتزعون حقهم في صرف المرتبات، وإنهاء كل مظاهر العدوان والحصار عبر سلام خارطة الطريق، أو حرب المسيرات والصواريخ التي تعرف الطريق جيداً ولا تحتاج إلى خارطة.

أترك تعليقاً

التعليقات