السلاح الأزرق
 

عبد الحافظ معجب

#عبدالحافظ_معجب / #لا_ميديا - 

اختراق «فيسبوك» للعالم وسيطرته على مساحات كبيرة ومهمة من حياتنا اليومية، لم يكن بمحض الصدفة، فالسلاح الأزرق «فيسبوك» تحول إلى ضرورة من ضرورات الحياة، والكثيرون يتعاملون معه بحالة من الإدمان، بعد أن عمل على تغيير نمط حياتنا الثقافية واتجاهات السلوك الاجتماعي في مجتمعنا دون أن نشعر.
تحويل العالم إلى قرية صغيرة لم يعد هدف «فيسبوك» الوحيد، ومع مرور الوقت أصبح الأمر أكثر وضوحاً، والأهداف غير المعلنة أصبحت واقعاً ملموساً نشعر به في حياتنا، بعد أن تحول الموقع الاجتماعي إلى سلاح بيد أجهزة ودوائر الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، لاسيما بعد الدور الكبير الذي لعبه هذا الموقع في «الثورات الملونة» ابتداءً من العام 2011 في تونس ومصر وسوريا واليمن، وصولاً إلى الأحداث التي يشهدها لبنان والعراق حالياً، ويستخدم فيها «فيسبوك» مرشداً وموجهاً ومنصة لقيادة جيوش إشعال الفتنة وقطع الطرقات والفوضى.
الموقع الذي اعتقد الكثير أنه منصتهم للتعبير عن آرائهم بكل حرية، يضع اليوم محددات للنشر، ويغلق الصفحات، ويحذف المنشورات التي تناهض السياسات الأمريكية والإسرائيلية دون خجل، وبشكل واضح وعلني، وكل من يستخدمه يعرف ما الذي يجري إذا قام المستخدم بنشر صورة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أو كتب اسم حزب الله أو أنصار الله أو اسم السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
الأمر لا يقتصر على فرض الموقع لسياساته وسياسات دوائر المخابرات التي تديره أو على الأقل التي تستفيد منه، فهناك أمر أكثر خطورة في ما يخص البيانات الشخصية التي بات اختراقها ممكناً وسهلاً، وكل ما تحتويه صفحاتنا من تدوينات ومراسلات هي معلومات مجانية
نقدمها كل يوم بسذاجة منقطعة النظير، في أوروبا صدر قانون يفرض على شركة «فيسبوك» الكشف عما تملك من معلومات حول المستخدمين، وكيفية استخدامها للمعلومات في عمل منصاتها، واعتبر الأوروبيون هذا القانون أهم إجراء للإشراف على عمل شبكات التواصل في تاريخ الإنترنت الحديث.
وفي سياق المخاطر الأمنية على حياة المستخدمين لهذا الموقع، أعلنت منظمة العفو الدولية مؤخراً أنها ترى في نموذج الأعمال الذي تقوم به شركتا غوغل وفيسبوك خطراً على حقوق الإنسان، وقال الأمين العام للمنظمة في ألمانيا: مثلما يتعين على الحكومات ضمان حقوق المواطنين في الغذاء والملبس والمسكن، يسري ذلك أيضاً على وضع حد للنشاط الذي تقوم به هذه الشركات بدون مراقبة.
دول كثيرة تحجب «فيسبوك»، وتحظر استخدامه نهائياً، ومنها دول صممت برامج تواصل محلية خاصة بها جعلت شعوبها تستغني عن «فيسبوك»، مثل الصين وإيران، ودول أخرى عندما بدأت تستشعر خطر الثورات الملونة سارعت إلى حجب «فيسبوك»، مثل تايلاند وإريتريا وفيتنام وسوريا وليبيا.
فهل نحن اليوم معنيون بترشيد استخدامنا لهذا السلاح الخطير، وإعادة التفكير في كل ما ننشر أو نقرأ على «فيسبوك»، أم نحن بحاجة لتدخل الجهات الرسمية في بلادنا من خلال تشريع قوانين تنظم عمل الفضاء الإلكتروني، وتحمي المستخدمين من المخاطر؟

أترك تعليقاً

التعليقات