ثورة الجنوب الحر
 

عبد الحافظ معجب

عبدالحافظ معجب

عندما انطلق الحراك الشعبي السلمي في العام 2007 بالمحافظات الجنوبية كانت مطالبه الأولى ذات طابع حقوقي. ولأن السلطات لم تستجب لها تطور الأمر حتى وصل إلى العمل العسكري والمطالب السياسية التي وصلت إلى المطالبة بفك الارتباط. ومع انطلاق ثورة 21 من أيلول 2014 خرج الشعب في محافظات الشمال للمطالبة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية. وكالعادة واجهتهم السلطات بالقمع، وارتفع سقف مطالب الثوار وصولاً إلى جرف السلطة وإسقاطها وهروب رموزها "بالشيدر والبالطو" إلى خارج اليمن.
واللي نشوفه اليوم في ثورة الشعب بالمحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال لن يقف عند مطالب وقف تدهور الريال اليمني أمام الدولار ولا عند صرف المرتبات، ومن خلال شعارات وهتافات المحتجين وإحراقهم لأعلام الغزاة وصور رموز العدوان، نستطيع الجزم أن هذه الانتفاضة الشعبية ستتواصل لتحرير الجنوب وحضرموت.
تجربة أبناء المحافظات الجنوبية مع العدوان ومرتزقته في حكومة الفنادق تجربة طويلة وموجعة. منذ احتلال الإماراتيين لعدن وحياة الناس ومعيشتهم تضيق أكثر فأكثر، الذي يشتي مرتب يروح يموت في منفذ الطوال أو منفذ الخضراء أو الساحل الغربي وهو يقاتل في صفوف السعودية والإمارات.
أما على مستوى التدمير الاقتصادي، كل شيء واضح، من ميناء عدن وصولاً إلى جزيرة سقطرى. وكثيرة هي دلالات الحرب الاقتصادية لمن يريد أن يعرف الحقيقة، فبدل أن تحل سياسات حكومة "الدنبوع" الأمر عقدته وهي التي لم توفر أي فرصة لقهر اليمنيين وزيادة معاناتهم جنوباً وشمالاً، عبر خطوات عدة بدأتها بنقل البنك المركزي
 إلى عدن رغم عدم توفر البيئة الملائمة للنقل، وبالتالي إفقاد البنك في صنعاء كافة أدوات السياسة النقدية التي يتحكم بها في السوق، وعلى إثر ذلك تبددت الإيرادات كحال منفذ الوديعة وإيرادات النفط والغاز في مأرب، بالإضافة إلى تفريخ عدد كبير ومهول من محلات الصرافة لسحب العملة الصعبة من السوق.
كما تحكمت الرياض بإيرادات النفط اليمني، حيث يجري تحويلها إلى البنك الأهلي في جدة وليس إلى البنك المركزي اليمني، وشرع العدوان عبر حكومة العملاء بطباعة مئات المليارات من الريالات لخلق فائض وكتلة نقدية وصلت إلى 400 مليار ريال جرى خلالها سحب العملة الصعبة والدفع بالريال نحو مزيد من الانهيار، وتتحمل الأمم المتحدة جزءا من المسؤولية، كونها سمحت بطباعة هذه المليارات من الريالات رغم المناشدات التي تم رفعها إلى الأمين العام للأمم المتحدة من قبل مجلس النواب وحكومة الإنقاذ الوطني.
بعد كل هذه الخطوات التي جعلت الدولار يقفز ويطير أمام الريال اليمني والناس في الجنوب يشوفوا الملايين والمليارات تبدد أمامهم وهم جاوعين، أدركوا فعلاً ومتأخراً أن كلاً من الإمارات والسعودية لم تأتِ لتحريرهم كما زعمتا، وإنما جاءتا لنهب ثرواتهم وإفقارهم.
وعلى الرغم من محاولات التسلق السياسي لمجلس "عيدروس" الإماراتي على مطالب الشعب، إلا أن كل المعطيات تقول إن ما يجري اليوم في الشارع الجنوبي لا يمكن التسلق عليه أو تجييره لمصلحة العدوان، فثورة الجنوب الحر تعرف ماذا تريد.

أترك تعليقاً

التعليقات