عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -

من يتابع المتغيرات الدولية والإقليمية، ويقرأ الأحداث بعمق، يدرك أن الصمود الأسطوري للشعب اليمني في وجه العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي على مدى الـ4 الأعوام الماضية، لم يعد حديثاً لرفع معنويات الداخل اليمني، بل أصبح واقعاً ملموساً في تعاطي العالم مع القضية اليمنية. أمام هذا الصمود الكبير لم يعد لدى دول العدوان خيار آخر غير الذهاب إلى إنهاء هذه الحرب الفاشلة بأي طريقة مناسبة. ولعل الحديث عن جولة مشاورات جديدة في إحدى الدول الأوروبية بات قريباً.
كل المؤامرات فشلت، وكل المحاولات كسرت، من معركة الساحل الغربي، إلى فتنة ديسمبر بصنعاء، وصولاً إلى فتنة حجور، مروراً باستمرار التصعيد والقتل في أوساط المدنيين، والحصار والتجويع والحرب الناعمة والطابور الخامس... فالحظ العاثر يلاحق هذا التحالف، والنصر حليف الشعب الصامد.
إن تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي بالغالبية على مشروع قانون إنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن ثمرة أخرى لهذا الصمود، وصفعة جديدة في وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يهدد باستخدام حقه في النقض، بعد أن صوت للمقترح 54 صوتاً مقابل 46 صوتوا ضد القانون، بالرغم من سيطرة الجمهوريين على ثلاثة وخمسين مقعداً من أصل مائة مقعد في الكونجرس.
ويسعى مشروع القانون إلى منع الجيش الأمريكي من أي نوع من المشاركة في العدوان على اليمن، بما في ذلك توفير دعم للضربات الجوية السعودية دون تفويض من الكونجرس، ما يعني خروج الولايات المتحدة الأمريكية من تحالف الحرب على اليمن، 
والدفع بالسعودية إلى الواجهة لتحمل كل تبعات العدوان، وهروب واشنطن من المسؤولية أمام فاتورة الحرب التي ستتحملها كل من الرياض وأبوظبي، لاسيما بعد أن أصبحت الفاتورة كبيرة جداً، ولن تقتصر على الخسائر المادية، بل تحوي جرائم وانتهاكات ستجر المتورطين في هذه الحرب إلى المحاكم الجنائية الدولية.
في الواقع تُبذل المساعي لإخراج واشنطن من ورطتها في اليمن، وفي الصورة العامة وأمام شركاء الحرب أراد "المخرج الهوليوودي" أن يكون سبب تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على قرار إنهاء دعم واشنطن لتحالف الحرب السعودي على اليمن، استجابة لضغوط مشرعين على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومطالبات بتشديد سياسته تجاه السعودية أمام تفاقم انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
بالنسبة لواشنطن، هدفها الأساسي من الحرب على اليمن هو تقسيمه وتدميره وإغراقه بالمشاكل والفقر والمجاعة، وإغراق السعودية في مستنقع هذه الحرب لاستنزاف أموالها وقدراتها، وهذا تحقق إلى حد كبير على مدى الـ4 الأعوام، ولم يعد هناك أي رغبة لدى واشنطن للاستمرار، فهي تدرك أن "البعران" سيستمرون في الحرب حتى ينتهوا، وهذا غاية مرادها.
سيُمرر القرار بحسب التقديرات، وسيُخرج الكونجرس الولايات المتحدة الامريكية من ورطة اليمن كما تخرج "الشعرة من العجين"، وسيبقى "ترامب" وحيداً إلى جانب السعودية والإمارات لحلب المزيد من أموال "البقرة" السعودية، حتى يحين ذبحها.

أترك تعليقاً

التعليقات