بريطانيا والأنبوب السعودي
 

عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -
لم يعد خافياً على أحد أن السعودية فشلت بكل مساعيها وجهودها واستماتتها للسيطرة على منافذ المهرة الحدودية مع سلطنة عُمان، من أجل إطباق الحصار الاقتصادي والإنساني على اليمنيين، لتبقيهم تحت رحمتها، وليس لهم سوى المنافذ التي تمر عبر أراضيها، وفشلت فشلاً ذريعاً في إتمام مشروعها المتمثل بمد الأنبوب النفطي من أراضيها إلى ميناء نشطون في محافظة المهرة المطل على بحر العرب. وتسعى السعودية من خلال مد أنبوب النفط عبر المهرة إلى ضمان خط إضافي لتصدير نفطها، إذا قامت إيران بتضييق الخناق عليها في الخليج العربي، وهي بهذه المساعي تحاول أن تجد لها خطاً بديلاً.
لأن المهرة تمتلك أطول شريط ساحلي في اليمن بـ560 كم مطل على بحر العرب، ويوجد بالمحافظة مطار الغيضة الدولي، ومنفذان بريان مع سلطنة عُمان، هما «صرفيت» و»شحن»، إضافة إلى ميناء نشطون البحري؛ دفعت السعودية بقوات تابعة لها وآليات عسكرية وأمنية إلى المحافظة، بدعوى تعزيز الأمن وضبط ومكافحة عمليات التهريب، والأهداف كانت واضحة. وصل الأمر بالقوات السعودية إلى استخدام طيران الأباتشي وعشرات العربات العسكرية المدرعة ومختلف أنواع الأسلحة لإخضاع رجال القبائل واقتحام المنافذ، دون جدوى.
نستذكر هنا ما حدث في ديسمبر 2017، عندما بدأت السعودية عمليات الحفر ووضعت بعض القواعد الأسمنتية في منطقة «طوف شحر» الحدودية. انتفضت في وجهها قبائل المهرة وطردت القوات السعودية، وعملت على إزالة جميع العلامات والقواعد الأسمنتية، ونصبت القبائل الخيام لحماية أراضيها ومراقبة أي استحداثات. كانت هذه صفعة لا تنسى في وجه ابن سلمان وحلمه بمد الأنبوب.
وعلى الرغم من استعانة ابن سلمان بـ»مرتزقة محليين» أنفق عليهم ملايين الريالات السعودية لاستقطاب المشايخ والشخصيات الاجتماعية في المحافظة، رفض المهريون السعودية وأموالها، ولم ينخرطوا في مشاريعها، متمسكين بنضالهم السلمي في الدفاع عن أرضهم وبلدهم، ليستمر الصفع في وجه ابن سلمان، مع بعض «الركل في مؤخرته».
أمام كل المحاولات الغبية للسعودية في إخضاع المهرة أو احتلالها عسكرياً، وبعد أن كسر «المهريون» شوكتها، لجأت إلى «إسرائيل»، التي بدورها أرسلت بريطانيا لتنفيذ المهمة التي عجزت الرياض عن القيام بها، من خلال إنزال القوات البريطانية في محافظة المهرة بعد افتعال مسرحية السفينة «الإسرائيلية» المفضوحة.
صحيفة «انتي ديبلوماتيك» الإيطالية كشفت أن خطوة إرسال القوات البريطانية إلى المهرة تأتي في إطار الانصياع لمطالب «إسرائيل»، التي تحاول تقديم المساعدة للسعودية بعد الفشل التام لـ»عاصفة الحزم». وأكدت الصحيفة أن إغاثة السعودية و»إسرائيل» بالقوات البريطانية جاء بعد عجز التحالف رغم القصف الجوي ودعم القوى الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وقوى إقليمية أخرى. واللافت في الأمر أن بريطانيا استقدمت إلى جانب قواتها وحدة متخصصة بالحروب الإلكترونية، وهذا يشير إلى توجه لندن نحو خرق شبكات الاتصالات والتجسس على كل من يقف في وجهها، ولا يُستبعد أن يطال هذا التجسس ما يسمى «قيادات الشرعية»، كما حصل في فضيحة «بيغاسوس» التي لاتزال تشغل الرأي العام العالمي. كما نتوقع أن تشهد الفترة المقبلة ازدياداً في وتيرة الحرب الإلكترونية والإعلامية والسيبرانية.
الصحيفة الإيطالية كشفت أيضاً أن لندن استأجرت بعض العملاء المحليين المدعومين من وزارة الخارجية البريطانية وحلفاء التحالف، الذين يعرفون المنطقة، للمساعدة في ما وصف بتحديد مواقع مقاتلين من الجيش واللجان الشعبية، الذين تتهمهم المملكة المتحدة وأجهزة المخابرات الأمريكية و»الإسرائيلية» دون أي دليل بالوقوف وراء هجوم الطائرات المسيرة على ناقلة النفط «ميرسير ستريت»، الذي وقع في 30 يوليو في بحر عُمان.
ما لم تشر إليه الصحيفة الإيطالية ولا تدركه دول «الرباعية» هو أن ما عجزت السعودية عن تحقيقه لن تستطيع بريطانيا ولا «تل أبيب» تحقيقه، والمعركة هذه المرة لن تكون مع أبناء المهرة فقط، وإنما مع أبناء اليمن، كل اليمن، الذين لن يتأخروا لحظة واحدة في معركة الدفاع عن المهرة وسيادتها. والسؤال المهم: هل وصل الحال ببريطانيا العظمى إلى مستوى «المرتزق المأجور» الذي يعمل لصالح «مملكة البعران»؟ عشنا وشفنا العجب!!

أترك تعليقاً

التعليقات