حراك لبنان وانتهاء العدوان
 

عبد الحافظ معجب

عبدالحافظ معجب / لا ميديا -

بعد ساعات قليلة من خروج المتظاهرين في لبنان تحول الحدث اللبناني إلى عنوان أول على كافة وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية المقروءة والمسموعة والمرئية، حتى على وسائل إعلام العدوان السعودي الأمريكي اختفى الخبر اليمني تدريجياً واستحدثت الفضائيات السعودية برامج جديدة خُصصت لتطورات الأحداث في لبنان، الأمر الذي خفف كثيراً على منتجي أو مخترعي اخبار الانتصارات السعودية في اليمن، الذين كانوا يضطرون للتضليل والكذب يومياً عبر نشرات الأخبار عن معارك التحرير «الدونكيشوتية» من الساحل الغربي الى صنعاء الى صعدة وحجة وغيرها من المناطق الصامدة.
وفي خفايا الخروج الشعبي للتظاهر في لبنان انقسم الشارع إلى رأيين، الأول يرى أنها تحركات تلقائية وشعبوية بعيدة عن أي تدخل داخلي أو خارجي، وأنها جاءت نتيجة لتراكم السياسات الفاشلة والفساد للقوى السياسية في البلاد، والثاني يستبعد أن تكون تلك التحركات عفوية أو تلقائية، ويرى أنها بفعل فاعل إما داخلي يخدم الخارج أو خارجي يديرها بشكل مباشر على الأرض لتحقيق أهداف وغايات خاصة ليس أقلها اغراق لبنان في الفوضى.
في الرأيين أنا لا أستبعد العامل الخارجي، فإذا كانت هذه التظاهرات عفوية وشعبية صادقة للتعبير عن واقع سيئ يعيشه المواطن اللبناني، فهناك من يستغل هذا التحرك ويحوله إعلامياً إلى قضية يومية لإشغال الرأي العام لتمرير أمور أخرى، وإذا كانت هذه التحركات جاءت على إيقاع خارجي أو داخلي يخدم الخارج، أو تهيئة خارجية مسبقة، فالغرض منها إلى جانب إغراق البلاد بالفوضى، إشغال الرأي العام أيضاً بقضية تلهيهم عن قضايا أو قضية أخرى مهمة.
تعالوا نرجع للوراء قليلاً، ففي العام 2011 عندما انشغل العالم كله بالحديث عن ثورات الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا، كانت القوات الأمريكية تنسحب من العراق بهدوء لم يلتفت إليه أحد، وفي خضم الانشغال الكبير لم يفكر أحد أن يسأل واشنطن عن الأهداف التي تحققت في غزو العراق، ولم يتحدث أحد عن الهزيمة النكراء التي لحقت بالولايات المتحدة الأمريكية، وعندما كنا نهتف بالساحات والميادين والعالم يشاهدنا أمام وسائل الإعلام، كانت أمريكا تنزل من أعلى الشجرة بهدوء وصمت، علماً أن هزيمتها في العراق كانت كفيلة بتحطيم صورتها كقوة عظمى ودولة مهيمنة مُرغ أنفها في العراق.
بالعودة لوقتنا الحاضر، المملكة السعودية اليوم تتحرك بخطوات سريعة نحو إنهاء تدخلها في اليمن، وإنهاء أو توقف هذا العدوان بأي شكل من الأشكال هزيمة ساحقة للسعودية، وهذه الهزيمة كفيلة بتحطيم صورة المملكة التي تقدم نفسها كلاعب إقليمي مهم وقوة عظمى في المنطقة، ولتسهيل عملية النزول من الشجرة لا بد من إشغال الرأي العام بقضايا أخرى كانت البداية في العراق واليوم في لبنان، ولا نستبعد غداً أن تكون في مصر وإثيوبيا أو مناطق أخرى، فالمطلوب حالياً هو إيجاد قضية رأي عام كبيرة ينشغل بها الإعلام والمحللون والمراقبون والمتابعون، حتى لا يتحدث أحد عن هزيمة السعودية في اليمن، ولا يسألها أحد لماذا كانت هذه الحرب أصلاً؟ وما الذي تحقق فيها؟!

أترك تعليقاً

التعليقات