ولد الشيخ.. رحيل غير مؤسف
 

راسل القرشي

نهاية فبراير الجاري تنتهي مهمة المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ كمندوب أو مبعوث للأمم المتحدة إلى اليمن، بعد 3 سنوات لم يصنع خلالها شيئاً، ولم يفد اليمنيين في شيء..
3 سنوات بقي خلالها ولد الشيخ يتلاعب بالأحداث والوقائع ويوظفها لصالح أسياده.. يتأسف على الحالة الإنسانية السيئة التي وصل إليها الشعب اليمني جراء الحرب والحصار..؛ ويعبر عن قلقه من استهداف مكة المكرمة والأراضي السعودية من قبل الجيش اليمني دون الشعور بوخزة ضمير على حياة المدنيين اليمنيين، وفي مقدمتهم الأطفال والنساء، من الاستهداف المتواصل لطيران العدوان..!
جاء ولد الشيخ إلى صنعاء عشرات المرات.. زار خلالها عديد مواقع تم استهدافها من قبل طيران العدوان، ولا شك أن أهم زياراته تلك كانت إلى الصالة الكبرى التي قصفها العدوان لحظة إحياء عزاء آل الرويشان، وسقط حينها أكثر من ألف شخص بين شهيد وجريح، بينهم أطفال..
ذهب إلى هناك، وبدا على وجهه (القلق)، وأدلى بتصريح عبر فيه عن أسفه و(قلقه) من استهداف المدنيين، ومضى وغادر صنعاء وذهب يكتب إحاطته ليقدمها إلى مجلس الأمن.. 
في إحاطته تلك وفي كل إحاطاته التي قدمها إلى مجلس الأمن، لم يكن أميناً في نقله للأحداث، وبدلاً من أن يسرد هول ما شاهده من جرائم إنسانية في صنعاء، ذهب يتباكى على قصف مكة كحدث غير موجود..، وعلى الأراضي السعودية التي تستهدفها الصواريخ اليمنية..!
ولد الشيخ في كل إحاطاته لم يقدم شيئاً جديداً، بل ظل يكرر نفس الحكاوي والقصص التي دأب عليها طيلة الثلاث سنوات، ولم يستفد اليمنيون شيئاً منها.. فلا هي قادت إلى وقف العدوان ولا إلى رفع الحصار، وخاصة على مطار صنعاء الدولي، وإنما على العكس من ذلك أدت إلى زيادة معاناة اليمنيين وتجويعهم وقتلهم إما بصواريخ الموت أو بالأوبئة والأمراض التي تسبب العدوان بظهورها وانتشارها، إضافة إلى سلاح التجويع..!
ماذا قدم وصنع ولد الشيخ لليمن واليمنيين طيلة الثلاث سنوات التي كان ممثلاً للأمم المتحدة في العدوان عليهم..؟!
كان يتجول بين عواصم دول العالم ليشرح ما أنجز وقدم في إطار مساعيه وجهوده لإيقاف الحرب في اليمن وتحقيق السلام..؛ وكانت طهران إحدى محطات زياراته.. فماذا فعل هناك؟! 
ذهب إلى طهران ليؤكد للعالم أن إيران هي اليمن، وأن اليمن هي إيران، وأن الحرب الإجرامية المشتعلة منذ قرابة الثلاثة أعوام في اليمن الإيرانية لا تستهدف اليمنيين، وإنما الإيرانيين.. وأن الشعب اليمني لا علاقة له بهذه الحرب، وليس الطرف المستهدف.. وعليها - أي إيران - وقف إطلاقها للصواريخ الباليستية باتجاه الأراضي السعودية، ومناقشة الحلول الممكنة والكيفية المناسبة لتحقيق السلام بين الجانبين، وعودة كل منهما إلى قواعده سالماً على قاعدة لا ضرر ولا ضرار..!
ولد الشيخ ذهب إلى طهران ليقول للعالم أنا هنا في طهران بدلاً عن صنعاء، للبحث في كيفية تسليم ميناء ومدينة الحديدة بشكل سلمي، وأيضاً تسليم إدارة مطار صنعاء للأمم المتحدة، واستئناف الرحلات التجارية بعيداً عن أي عمل عسكري، وضمان تسليم مرتبات الموظفين وإدخال المساعدات الإغاثية الإنسانية بانسيابية..!
اتجه ولد الشيخ إلى (صنعاء) الإيرانية ليلتقي مع المعنيين والحصول منهم على وعود لوقف تهريبهم للأسلحة إلى (الانقلابيين)، ووقف استخدام موانئ وممرات سلطنة عُمان والكويت وقطر وأبوظبي والمنامة وحتى الرياض وجيبوتي والسودان والصومال، وتشديد الإجراءات في تلك المناطق الحدودية مع اليمن..!
ماذا قدمت وصنعت طيلة الثلاث سنوات يا ولد الشيخ؟!
لم يكن ولد الشيخ أميناً وشجاعاً في كل تصريحاته وإحاطاته التي قدمها إلى مجلس الأمن..
هل قال ولو مرة واحدة إن تحالف العدوان هو السبب الرئيسي والأوحد في انتشار الأوبئة والأمراض في اليمن، وفي مقدمتها وباء الكوليرا وسوء التغذية نتيجة قصفه لشبكات وخزانات المياه والمستشفيات والمراكز الصحية؟! 
هل قال إن الحصار الظالم والجائر المفروض على اليمن واليمنيين منذ بدء العدوان في 26 مارس 2015 وحتى اليوم، هو السبب الرئيسي في تفاقم الحالة المعيشية لملايين اليمنيين وانعدام الدواء والغذاء وتسيد المجاعة وموت عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب؟! 
هل طالب يوماً بتسليم مرتبات موظفي الدولة دون شروط ووفقاً للاتفاق الذي بموجبه تم نقل البنك المركزي إلى عدن، وعدم استخدامها أو توظيفها - أي المرتبات - كورقة حرب؟!
كان ولد الشيخ عند كل ظهور إعلامي يتحدث بنفس لغته - التي اعتاد عليها منذ تسلمه لمهامه كمبعوث أممي - المجافية للواقع والبعيدة عن المصداقية والمليئة بالافتراءات كالببغاء التي تردد ما يقول صاحبها أو مالكها.. ليكشف للعالم أنه غير أمين وغير مسؤول وغير قادر على حلحلة القضية اليمنية وإيصال اليمنيين الى اتفاق ينهي الحرب ويوقف العدوان ويحقق السلام.. 
لو كان ولد الشيخ عند مستوى المسؤولية لقدم وصنع شيئاً لليمن واليمنيين.
لم يأتِ ولد الشيخ الى اليمن لحل الأزمة اليمنية، وإنما ليفاقمها ويؤججها ويسهم في إشعالها أكثر وأكثر.. وفي النهاية الوصول إلى اللاشيء.
ها هو ولد الشيخ يرحل غير مأسوف عليه بعد 3 سنوات لينهي مهمته دون أن يقدم أو يصنع شيئاً.. وأنا هنا أضع هذه القراءة المستعجلة أمام القارئ والمتابع من وحي الوقائع والأحدات طيلة السنوات الثلاث الماضية، وإن كنت أغفلت ذكر الكثير منها.. 
فاسألوا ولد الشيخ اليوم ماذا قدم وصنع لليمن واليمنيين طيلة الثلاث سنوات التي قضاها مبعوثاً للأمم المتحدة..؟!
ستقرؤون أو تجدون إجابته في إحاطته المرتقبة يوم 27 فبراير الجاري، والتي لا نعتقد أن تكون شبيهة بإحاطة سلفه جمال بنعمر الأخيرة..، وبعدها سيذهب للاستمتاع بالأموال التي جناها على حساب دماء اليمنيين وخراب وطنهم.

أترك تعليقاً

التعليقات