راسل القرشي

راسل القرشي

معظم اليمنيين ظلوا طيلة انعقاد مشاورات السويد يترقبون ويأملون أن تخرج تلك المشاورات بنتائج طيبة تعزز إجراءات بناء الثقة بين الأطراف اليمنية، والخروج بحلول ومعالجات لكل الإشكالات الماثلة والمتوقعة، والمضي على طريق إيقاف العدوان والصراع الداخلي القائم منذ قرابة 4 سنوات..
اليمنيون لم يعد بمقدورهم تحمل تبعات هذا العدوان وهذه الحرب إن استمرت وطالت، كونها أثرت على حياتهم في كافة مناحي الحياة، وتسببت بتدمير كلي للبلاد واستشهاد عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين عموماً، كما تسببت في تهجير ونزوح الملايين من المدنيين عن منازلهم ومدنهم، إضافة إلى حدوث أكبر كارثة إنسانية لم يشهد لها العالم مثيلاً.
جاءت مشاورات السويد لتعيد الأمل إلى نفوس اليمنيين، والتفاؤل بتعزيز إجراءات الثقة بين المتحاورين، ودفعهم للتوصل إلى وضع المعالجات والحلول بما ينهي الأوضاع الكارثية التي يعيشها اليمنيون.
نعم.. لقد خرجت المشاورات بعدد من الاتفاقات على صعيد إنقاذ مدينة الحديدة، والتغلب على الكارثة الإنسانية، وتبادل الأسرى، والتفاهمات حول مدينة تعز.. خطوات مهمة وإيجابية في مسار السلام، ومقدمة تبعث على التفاؤل لاستكمال ما تبقى من ملفات اقتصادية وسياسية في الجولات القادمة.
ومع كل ما تم الاتفاق عليه، إلا أن هناك سؤالاً مهماً كنا جميعاً نأمل أن يكون ضمن ما تم الاتفاق عليه، وهو: لماذا أغفلت مشاورات السويد التأكيد على التوقف عن الخطاب السياسي والإعلامي المؤجج، كونه يمثل عاملاً مهماً في إنجاح تنفيذ ما تم الاتفاق عليه؟!
الخطاب السياسي والإعلامي للأطراف السياسية وحلفائها يجب أن يتغير ويواكب ما تم الاتفاق عليه في مشاورات السويد، ويبتعد عن التأجيج والتأزيم بصفته عاملاً مهماً لإنجاح أية مشاورات وحوارات هدفها وضع الحلول للأزمة القائمة وإنهاؤها، وإنقاذ الشعب من الحالة المأساوية التي يعيشها.
على كل الأطراف أن تستشعر مسؤولياتها وتنظر إلى الواقع الوطني - بعد قرابة 4 سنوات من الدمار والخراب والقتل - بمصداقية، وتوجه خطابها بما يعود بالنفع على الوطن وأبنائه، وتبتعد عن لغة التأجيج والتأزيم بما يسهم في تنفيذ ما تم التوصل إليه من اتفاقات على الواقع الوطني بكل الصدق والمسؤولية.
إن اليمنيين لا يحتملون المزيد من التأزيم والتصعيد، وهم بحاجة إلى تبني خطاب سياسي وإعلامي من الأطراف السياسية كخطوة أولى التعزيز الثقة في ما بينهم، ويقود إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بحرص ومسؤولية.
كما أن البلاد ليست بحاجة إلى المزيد من الأطروحات والرؤى والخطابات الملغّمة بمفردات تكشف ضيق وتقزم أصحابها، بقدر ما هي بحاجة إلى تبني خطاب عقلاني يجمع ولا يفرق.. يوحد ولا يشتت.. يبني ولا يهدم.. ويقود في النهاية إلى إنهاء العدوان والصراع القائم ورفع الحصار وإعادة الحياة إلى طبيعتها.
ويبقى التأكيد هنا على أن أي اتفاقات يتوصل إليها الفرقاء دون وضع الخطاب السياسي والإعلامي في الاعتبار، ستفشل لا محالة.

أترك تعليقاً

التعليقات