فلـسطين بين كاراكاس وأبوظبي
 

راسل القرشي

راسل القرشي  / لا ميديا -

عندما نأتي لنقارن مواقف بعض البلدان العربية تجاه القضية الفلسطينية مع مواقف فنزويلا مثلاً سنجد أن هناك فارقاً كبيراً في الموقف المسؤول والصادق والارتباط بفلسطين الأرض والإنسان.
فنزويلا عبرت عن أقوى وأصدق المواقف تجاه القضية الفلسطينية، وبسبب تلك المواقف كشفت الإدارات الأمريكية المتتالية عن موقفها العدائي الواضح تجاهها، حتى إنها حاولت مراراً وما زالت تحاول التدخل في الشؤون الداخلية لفنزويلا وتغيير نظامها الصلب، وفرضت عليها حصاراً أثر على واقعها الاقتصادي... وكل ذلك بهدف تغيير تلك المواقف العدائية للكيان الصهيوني، الواضحة والجلية.
لقد عبرت القيادات الفنزويلية المتتالية، من الثائر تشافيز إلى مادورو، عن موقفها الصادق والمسؤول تجاه القضية الفلسطينية، بإدانتها المتواصلة للاستيطان ومطالباتها الحثيثة بالتحرك لوقف جرائم الاحتلال ومنح الفلسطينيين سيادتهم على أرضهم وحدودهم ومواردهم، وكل ذلك دون خوف من أحد.
وإزاء هذه المواقف المعلنة والواضحة لفنزويلا قيادة وشعباً، نتساءل هنا: ماذا عن البلدان العربية التي تربطها بفلسطين قضية واحدة وهوية عروبية وعقيدة واحدة ونراها اليوم اختارت الخنوع والاستسلام وذهبت صوب تطبيع علاقتها مع العدو الصهيوني المغتصب والمحتل لأرضنا الفلسطينية المباركة؟!
هذه المواقف الحرة ليست مرتبطة بفنزويلا لوحدها، بل تضاف إليها مواقف بوليفيا، وقبلهما كوبا، اللتين ساندتا الشعب الفلسطيني إيماناً بالعدالة والحرية للشعوب المظلومة وانطلاقاً من إحساسهم بمظلوميتهم ومعاناتهم الطويلة من سياسات الهيمنة والبلطجة الأمريكية.
اليوم، وحين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، ونحن نرى دولاً عربية كالإمارات والبحرين وثالثهما السودان، وهي ترتمي وبشكل بائس في أحضان العدو "الإسرائيلي"، وتكشف بوضوح عن خيانتها للقضية، وفي الوقت نفسه تذهب لإبرام العديد من الاتفاقات الاقتصادية والاستثمارية وإلغاء تأشيرات الدخول فيما بين مواطنيها و"الإسرائيليين"... حين يتعلق الأمر بكل هذا السقوط الفاضح والمخزي علينا أن نذكرهم هنا بما قاله الزعيم الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز: "قضية الشعب الفلسطيني هي قضية فنزويلا. فلسطين جزء من القومية الإنسانية".
ونتذكر أيضاً ما قاله الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو: "القدس فلسطينية منذ آلاف السنين، وستبقى لآلاف السنين أيضاً عاصمة لدولة فلسطين. القضية الفلسطينية أروع القضايا التاريخية، ونحب فلسطين من قلبنا ونحب التاريخ الطويل لفلسطين".
إنها صرخة من كراكاس. صرخة عدالة وجهها تشافيز ومن بعده مادورو دون خوف أو خشية من الولايات المتحدة الأمريكية وكل الدول الحليفة لها والمطبعة مع المغتصب والمحتل للأرض الفلسطينية، في حين باعت الإمارات والبحرين والسودان القضية الفلسطينية وارتمت في أحضان النتن ياهو دون حياء أو خجل!!
رغم الاختلاف بالعقيدة واللغة والثقافة والعادات والتقاليد نرى المواقف السياسية الفنزويلية والبوليفية والكوبية ثابتة ومعلنة ولا تتغير. ونستحي هنا أن نعرض المواقف المخزية لدول يفترض أنها عربية وما تقوم به حالياً تجاه القضية الفلسطينية!! 
حين يتعلق الأمر بفلسطين تقف فنزويلا شامخة رافضة كل لغات التآمر وكل ألوان الهيمنة الإمبريالية العفنة.
تتحدث مواقفها عن الحق الفلسطيني المنهوب، الذي لا بد أن يعود. تتحدث عن العدالة، عن أمة تتعرض للاحتلال والعنف. تتحدث عن الإنسانية المسحوقة والفعل السلبي لكل دول العالم التي تدعي ترسيخ قيم الحرية والعدالة فيما نرى مواقفها مخزية تجاه القضية الفلسطينية.
فعن أي مواقف تتحدث الإمارات والبحرين ومن نراهم اليوم يلهثون لاسترضاء العدو "الإسرائيلي" ويستعدون للتوجه صوب التطبيع المخزي مع هذا الكيان المغتصب؟!

أترك تعليقاً

التعليقات