اتفاق الرياض مرة أخرى!
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

محافظة عدن ومنذ 5 سنوات ترزح تحت فوضى ممنهجة بدأت بالاغتيالات والصراعات وانعدام الخدمات الأساسية، إضافة إلى أزمات لا نهاية لها كظهور العديد من الأوبئة والأمراض (حمى الضنك والمكرفس وكورونا) التي عصفت بأبنائها في ظل لامبالاة حقيقية من سلطات ما تسمى "الشرعية" و"المجلس الانتقالي"، حتى وصل الأمر اليوم وفي عز الصيف إلى انقطاع متواصل للكهرباء والمياه ليعيشوا في الظلام عطشى، الأمر الذي أدى إلى دق جرس إنذار تهجير أبناء المدينة.
كل هذه الأعمال والممارسات التي تسيّرها أدوات الاحتلال بعناوين البلطجة والدم والعدم، هدفها في الأساس خدمة قوى الاحتلال في إطار المخطط العام الذي تسعى لتنفيذه وتريد الوصول إليه!
ومؤخراً وكعادة قادة العدوان في تأجيج الصراعات في عدن والمحافظات الجنوبية المحتلة، تم التوقيع على النسخة الثانية من اتفاق الرياض، والتي تهدف أساساً إلى تثبيت هيمنة قوى الاحتلال وإكساب ما يسمى "المجلس الانتقالي" المزيد من شرعية الوجود والمضي في تحقيق أهدافه التي يعد أولها الانفصال ويتبعه تقسيم الجنوب إلى كانتونات صغيرة، وهذا واضح في فرض الأطراف الموالية لتحالف العدوان في حضرموت كطرف ثالث.
وهذه الأهداف في غايتها خلق صراعات بين أدوات الاحتلال في المحافظات الجنوبية، ويشترك في تحقيقها بأشكال مختلفة، وأحياناً متعاكسة المجلس الانتقالي والإخوان المسلمين الذين يحاولون تسجيل وجود لأطول فترة بعد أن أصبح التخلص منهم قراراً سعودياً إماراتياً.
أما مظاهر المواجهة الحقيقية مع هذه المشاريع وإسقاطها فيجسدها على أرض الواقع أبناء عدن وسقطرى والمهرة الذين يقاومونها بشكل يومي، كما أن المظاهرات والمسيرات في عدن والمهرة وسقطرى تعكس ما ستكون عليه مقاومة الاحتلال في تلك المحافظات في سياق تطور وعي أبنائها الأحرار الشرفاء، الذين ستتحول مطالبهم إلى مستوى أعلى سياسياً وإلى مقاومة مسلحة ستجعل قوى التحالف تعيد حساباتها وتندم على غرقها في مستنقع مشاريعها في اليمن. 
اتفاق الرياض الثاني يسهم في كشف حقيقة هذه الحرب على اليمن، ويجعله يسقط قبل أن ينفذ، وهو ما يجعل الكثير من القوى الوطنية اليمنية على ثقة بأن اليمنيين في النهاية هم من سيضعون الحلول لمشاكلهم وهم من سيحددون مستقبل وطنهم. 
هذه الاتفاقات لا تهدف إلى حل المشاكل كما تدعي قيادات العدوان الراعية له بقدر ما تهدف إلى زيادة الاحتقان وتأجيج الصراعات تمهيداً وكما قلنا سابقاً للانفصال والتقسيم، وزيادة الصراعات البينية بين المجلس الانتقالي والإخوان المسلمين من جهة وبينهما كلاً على حدة وبقية المكونات السياسية في المحافظات الجنوبية المحتلة.
لقد وجد قادة العدوان في "الانتقالي والشرعية" الأداة الملائمة لتدمير عدن وبقية المحافظات الجنوبية وتحقيق ما يريدون، ونرى اليوم بوضوح أن التحالف هو الحاكم وهو من يقرر وهو من سيربح ويكسب من كل ما حدث سابقاً ويحدث حالياً وسيحدث في قادم الأيام.
هذه هي السياسة التي أصبحت مكشوفة ولم تعد بخافية على أحد.. واتفاق الرياض الأول والثاني الممهور برؤى بريطانية سيكشف في قادم الأيام الغباء السياسي الكبير الذي وقع فيه كل من "المجلس الانتقالي وشرعية هادي".. وحينها سنستمع إلى بكائهما معاً على ما فرطا فيه من قيم ومبادئ وطنية، وسقوطهما في مستنقع الحقارة غير مأسوف عليهما!

أترك تعليقاً

التعليقات