راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

المصالحة الوطنية وتحقيق السلام ليس مطلب حزب أو أحزاب بذاتها، بل في اعتقادي يعد مطلب جميع القوى اليمنية المحبة للسلام والحريصة على أمن اليمن واستقراره ووحدة أراضيه، كما يمثل طوق النجاة للخروج من دائرة هذا العدوان المستمر منذ أكثر من خمس سنوات كان فيها الوطن الخاسر الوحيد. فمع استحالة الحسم العسكري، بات من الضروري إعلاء لغة العقل بالحوار المسؤول والشامل الذي يجمع ولا يشتت، يوحد ولا يفرق، يبني ولا يهدم.
غير أننا نؤكد أن قرار المصالحة وتحقيق السلام يعد قراراً يمنياً خالصاً، ولا يمكن أن يفرض من الخارج. ومن هنا فإن توافق القوى للجلوس على طاولة الحوار يجب أن تسبقه قناعات ونوايا صادقة تبدأ بوقف الحرب بكل الصدق والمسؤولية، ثم التوجه الفعلي لتحقيق المصالحة التي تقود إلى تحقيق السلام الشامل الذي نرجوه جميعاً.
إيقاف العدوان وتحقيق السلام هو مطلب غالبية أبناء الشعب التواقين لإنهاء كل الآلام والأوجاع التي يعيشونها منذ أكثر من خمسة أعوام نتيجة العدوان والحصار الجائر اللذين تسببا باستشهاد عشرات الآلاف من المدنيين وفي مقدمتهم الأطفال والنساء، كما تسببا بموت مئات الآلاف نتيجة الأوبئة وآخرها وباء كورونا الذي تسببت دول العدوان بانتقاله إلى اليمن، إضافة إلى انعدام الأدوية وإغلاق مطار صنعاء الدولي، وأيضاً نتيجة سياسة التجويع التي انتهجها قادة العدوان دون خجل.
ولكن يبقى السؤال المطروح: ما الذي يحول أمام التقاء القوى اليمنية وتحقيق هذا المطلب الشعبي الواسع؟!
الإجابة بكل تأكيد: هو النظام السعودي ومعه بقية قوى تحالف العدوان، كون هذا النظام وبأوامر من أسياده هو الموجه لتلك "الأدوات" المجتمعة تحت ما تسمى "الشرعية" والتي يستخدمها لاستمرار عدوانه وجرائمه بحق اليمن واليمنيين.
وفي إطار تحقيق هذا المطلب كانت الدعوة التي وجهها الأخ محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى، في مقابلته مع قناة "بي بي سي" الجمعة الماضي، واضحة وغايتها الرئيسية تحقيق السلام والتوجه الجاد لإيقاف كل صور وأشكال العدوان والصراعات القائمة، والجلوس على طاولة الحوار وأمام الإعلام لمناقشة مختلف القضايا بما يقود إلى حل شامل ويتجه صوب تحقيق السلام.
وضع أبو أحمد الحوثي النقاط على الحروف وأكد أن السلام ليس لعبة أو ظاهرة صوتية وإنما توجه حقيقي بالأقوال والأفعال معاً، وهو ما تؤكد عليه كل القوى السياسية في الداخل الوطني باستثناء تلك القوى التي رمت بنفسها في حضن العدوان وسمحت أن تكون أداة في يده يلعب بها كيف يشاء.
لقد قالها عضو "السياسي الأعلى" بصراحة متناهية: "نحن نقدّم المبادرات وقدمنا أيضاً الحلول الحقيقية والواقعية وهم يرفضون تنفيذها". فمن هو الرافض للحوار وتحقيق السلام؟! من الذي يستخدم دعواته لإيقاف العدوان والعودة إلى الحوار وتحقيق السلام للاستهلاك الإعلامي والتسويق السياسي؟!
دائماً وطوال السنوات الماضية من عمر العدوان ونحن نتحدث عن الحوار وعن السلام وعن المصالحة الوطنية، ولم نجد من العدو وأدواته مقابل ذلك إلا المزيد من التعنت والاستمرار في العمليات العسكرية الجوية والبرية وقصف العديد من مناطق الجمهورية ومواصلة استهداف المدنيين.
نحن على يقين بأن هناك أطرافاً خارجية إقليمية ودولية تستثمر هذه الحرب وفق أجندتها ومصالحها الخاصة المتناقضة والمتقاطعة، وتوجه النظامين السعودي والإماراتي لإطالة أمد العدوان وإجهاض كل جهود السلام وعرقلة أي بوادر وتوجهات نحو الحوار والمصالحة الوطنية.
وفي هذا الاتجاه اختتم بما قاله عضو المجلس السياسي الأعلى في مقابلته مع قناة "بي بي سي": "على السعودية ودول العدوان أن تفهم أن الشعب اليمني شبّ عن الطوق ويجب أن يتعاملوا مع هذا الشعب وليس مع سياسيين كانوا مرتمين في أحضانهم ويريدون من خلالهم أن يُعيدوا العجلة لتنفيذ سياساتهم الخاطئة".

أترك تعليقاً

التعليقات