راسل القرشي

راسل القرشي / #لا_ميديا - 

عندما أستمع إلى تصريحات القادة الأتراك، أستغرب وأتعجب كثيراً، ومرد ذلك أن تركيا كانت واحدة من الدول الرئيسية التي دمرت سوريا، وتدخلت في شؤون الكثير من البلدان العربية، ومنها اليمن وليبيا.
القادة الأتراك كما يقولون في تصريحاتهم حريصون على الحفاظ على سيادة الدول العربية التي تشهد صراعات وحروباً، ومنها اليمن وسوريا وليبيا، ولكن عندما نتابع مساعيهم الحثيثة للتدخل في الشأن الليبي نتساءل ماذا يقصدون بحرصهم على عدم تحويل ليبيا أو العراق إلى ساحات للصراعات الخارجية..؟!
منذ اشتعال الحرب المدمرة التي شهدتها سوريا في العام 2011م، ومازالت حتى اليوم، كانت تركيا طرفاً رئيسياً فيها، وجعلت من مطاراتها ومدنها محطة ترانزيت لاستقبال الإرهابيين من كل البلدان، وخصوصاً الأوروبية، ومن ثم نقلهم إلى سوريا لقتال الجيش السوري وتدمير سوريا وقتل شعبها الحر.
وفي ليبيا اليوم يعبر القادة الأتراك عن حرصهم على سلامتها، ويدعون إلى وقف الاقتتال الأهلي الدائر فيها منذ سنوات، ورفض أي تدخل خارجي.. وفي الوقت ذاته ذهب هؤلاء القادة لإبرام اتفاقية أمنية مع السراج وحكومة الوفاق الليبية بهدف التدخل العسكري ومساندتهم في الحرب الدائرة مع حفتر الطرف الآخر في هذه الحرب التي دمرت ليبيا وحولتها إلى ساحة للتدخلات الخارجية الداعمة لهذا الطرف أو ذاك.
منطق غريب وعجيب هذا الذي يتحدث به القادة الأتراك في ليبيا كما رأيناهم في سوريا التي تم تدميرها وقتل شعبها بشراكة رئيسية من تركيا.
اليوم يتكرر نفس المنطق من هؤلاء القادة في العراق، كونهم حريصين - كما يقولون - على سيادة العراق ووحدة أراضيه، وألا يكون العراق ساحة للصراعات الخارجية..!
الرئيس التركي وقادته الحريصون على وحدة أراضي سوريا والعراق وكل الدول المجاورة لدولتهم، وعند البدء بتنفيذهم للعملية العسكرية الواسعة في شمال شرق سوريا، والتي أطلق عليها اسم عملية "نبع السلام"، قالوا حينها إن هدف هذه العملية العسكرية مكافحة الإرهاب والعمل على فرض منطقة عازلة أو آمنة على الأراضي السورية تحمي بلدهم من الإرهاب.
وعلينا ألا ننسى هنا الأطماع التركية التي تجددت مع أردوغان في الموصل العراقية وحلب السورية.
فأين هذا الحرص على سيادة العراق وسوريا، الذي يتحدث عنه أردوغان وقادة بلده الآخرون..؟ وهل يعني بهذا الحرص أن الأتراك اليوم يتواجدون في جغرافيتهم احتراما لـً "إرث الأجداد" ومنها سوريا والعراق وليبيا..؟!
أردوغان وبهذه المساعي والتحركات هنا وهناك يُظهر أنه أحد الأقطاب الدولية الكبرى الباحثة عن "إرث الأجداد"، أقصد عن مصالح تركيا، وهذه المصالح تدفع أردوغان للحديث عن حرص بلاده على سلامة أراضي سوريا وليبيا والعراق، وعدم تحويلها إلى مساحات وأماكن للصراعات الدولية..!
هكذا أصبحنا في دولنا العربية للأسف الشديد.. الآخرون هم من يبحثون عما ينفع بلداننا، فيما نحن بلا حول ولا قوة.
هكذا أردنا لأنفسنا أن نكون.. مجرد أتباع لهذا الطرف أو ذاك، وقبلنا أن نضع أنفسنا في هذا الموضع المهين.
ومع كل ما تشهده بلداننا من واقع مزرٍ ومهينٍ، نستمر بالمشاهدة والترقب إلى أين سيقودنا أصحاب المصالح الباحثون عن إرث أجدادهم في بلداننا؟!


أترك تعليقاً

التعليقات