راسل القرشي

راسل القرشي

سأبدأ هنا بطرح السؤال الذي أراه مهماً ويصب في خدمة المشاورات الحالية المنعقدة في السويد، وتلافي الأخطاء التي شابت مفاوضات الكويت وجنيف.. وهو: ما الأسباب التي أدت إلى فشل جولات المفاوضات السابقة؟!
الإجابة بالتأكيد تقول: إن التخبط والعشوائية للمبعوث الأممي السابق وعدم قدرته على إدارة المفاوضات بثقة، وعودته للأطراف الخارجية، وجعل صوتها أقوى من الصوت اليمني، كان من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى فشل المفاوضات.. إضافة إلى أسباب أخرى مثل لجوء وفد الرياض اليمني إلى تبني وجهة نظر الخارج دون التفكير بالوطن والداخل الوطني.
ومن الأسباب أيضاً الذهاب صوب الوسائل الإعلامية المختلفة وإطلاق التصريحات غير المسؤولة التي تذهب إلى اتهام الوفد الوطني بمحاولاته المتكررة لإفشال الحوار ورفضه الجنوح للسلم واستباق ما يتم مناقشته بالتراشق الإعلامي الذي أسهم إلى حد ما في إيقاف الحوار وإفشاله.
اليوم وقد بدأت المشاورات في السويد، لن نذهب صوب اتهام طرف على حساب طرف آخر، وإنما سنؤكد على ضرورة حضور لغة العقل، والتوقف عن كل الأعمال الاستفزازية التي تضر كثيراً بسير المشاورات وبطبيعة المواضيع محل النقاش.
لغة العقل يجب أن تكون حاضرة في كل وقت وحين، حتى لا يتكرر نفس الفشل الذي شاب المفاوضات السابقة والوصول إلى حالة من الصدامية مع الواقع.
هل لغة العقل تعني اللجوء إلى حرب التصريحات ووضع نتائج فاشلة مسبقاً تكرس الكذب وتواصل الافتراء والمتاجرة بأوجاع الشعب وبطبيعة الحالة العامة التي يعيشها اليمنيون؟!
هل من لغة العقل أن يكون هدف المشاورات إطلاق الأحكام المسبقة والذهاب صوب التخمينات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وتقود إلى إنهاء كل الآمال الموضوعة بالتوصل إلى حلول؟! 
إن لغة العقل تؤكد باستمرار أنه دائماً ما يكون عدم الرضا والاقتناع بما تحقق في فترات سابقة حافزاً لإنجاز الكثير من الأهداف المعتملة، خاصة إذا ما اقترن ذلك بالجهد الموضوعي الهادف إلى تجاوز السلبيات وإرساء الإيجابيات وتطويرها.
ويقيناً إن كان الهدف من الحوار والمشاورات الحالية في السويد هو الاستهلاك وتضييع الوقت دون فائدة، فلا أعتقد أننا بحاجة إليها من الأساس.
المشاورات التي يُبنى الإعداد لها على أساس سليم وواضح، هي التي تستمر.. أما إن كان الهدف فقط الذهاب للجلوس على طاولة الحوار والتقاط الصور وبثها في الفضائيات لاتهام هذا أو ذاك، واستخدام مفردات التعقيد وعدم الجدية في مناقشة مجمل القضايا، فمصيرها الفشل لا محالة.
إن الحوار يعني استنفار كل الممكنات التي تؤدي إلى تعميق قيم المحبة والشراكة والوحدة.
نعم.. الحوار ركن أساسي، بل رئيسي من أركان الحياة في الحالة اليمنية، ولا يمكن إخضاعه مطلقاً للمساومات والحسابات الحزبية القاصرة.
الحوار هو المبدأ الرئيسي لتعزيز المشاركة السياسية وتعزيز مسيرتها على واقع الوطن المعيش.. والانتصار للقضايا الوطنية أياً كان حجمها أو نوعها.
ومن هنا نؤكد على المتحاورين جميعاً أن الوطن والمسؤولية الوطنية هما من ينبغي أن يحضرا ويتسيّدا في هذه المشاورات بعد 4 سنوات من الأعمال العسكرية والقتل والدمار، ويتحتم على طرفي المشاورات الاستجابة لها من منظور وطني، بعيداً عن التسابق المحموم و(المفتعل) للتشكيك بمصداقيتها، وبعيداً أيضاً عن الإصرار على وجود خصومة والاستمرارية في بقائها.
يجب أن نعي جيداً وبعيداً عن مفردات الفشل أن الحوار هدفه الأوحد هو تحقيق التوافق حول مجمل القضايا، وبما يقود إلى إنهاء كل صور وأشكال العدوان ورفع الحصار والاتفاق على المبادئ والأسس من أجل وضع إطار عمل سياسي للمفاوضات القادمة، والمضي صوب تحقيق مجمل تطلعات وآمال جماهير شعبنا في بناء الدولة اليمنية الحديثة على أسس العدالة والمساواة والحكم الرشيد.
فهل ينجح المبعوث الأممي غريفيث في ما أخفق فيه سابقاً المبعوث ولد الشيخ، وإيصال اليمنيين إلى حالة من الاتفاق والتوافق.. أم تتكرر نفس الإشكالية السابقة، ويكون الفشل هو حليف هذه المشاورات أيضاً؟!

أترك تعليقاً

التعليقات